عادت طوابير الخبز في شوارع القاهرة إلى الظهور، بعد سنوات من الاختفاء، عقب زيادات في أسعار الدقيق خلال الشهور الماضية. وقال صبي يقف في طابور أمام مخبز في حي السيدة زينب المزدحم بالسكان: "البائع يرفض أن يبيع أكثر من 20 رغيفاً لكل واقف في الطابور". وشكا سائق تاكسي يقف في الطابور "ان20 رغيفاً لا تكفي أسرتي الكبيرة العدد. ترددت على خمسة مخابز وجدتها مغلقة لنفاد حصتها من الدقيق أو تعرضها لعقوبة مخالفات قد تكون ارتكبتها". وأوضح مسؤول في وزارة التموين والتجارة الداخلية ان الطوابير موجودة فقط أمام المخابز التي تنتج خبزا يباع بسعر خمسة قروش الرغيف. وقال "ان الزيادات في أسعار الدقيق استخراج 72 في المئة المستخدم في مخابز قطاع خاص أدت الى نقص وزن الخبز المنتج فيها وزيادة سعره… بعض مستهلكي الخبز المنتج من الدقيق الذي ارتفعت أسعاره تحولوا الى مخابز القطاع العام ومخابز القطاع الخاص التي تنتج خبزاً مدعوماً محدد السعر فظهرت الطوابير". وزاد سعر الدقيق استخراج 72 في المئة من حوالى 850 جنيهاً إلى حوالى 1800 جنيه للطن خلال عشرة شهور. وقال محمد عبدالحميد نائب رئيس الهيئة المصرية العامة للسلع التموينية ان الهيئة "ستستورد 120 ألف طن من القمح شهرياً علاوة على حاجاتها من المشتريات للشركة القابضة للصناعات الغذائية من أجل الخبز الفينو الأبيض". ويصنع الخبز الابيض من الدقيق استخراج 72 في المئة بينما يصنع الخبز "البلدي" المدعم من الدقيق استخراج 82 في المئة وهو يغطي حاجات معظم المصريين. وكان حسن خضر وزير التموين والتجارة الداخلية اعلن الأسبوع الماضي انه "تم تكليف الهيئة باستيراد قمح لانتاج الدقيق استخراج 72 في المئة وطحنه وتوزيعه على المخابز العامة وبعض المخابز الخاصة لمواجهة عمليات المبالغة في الاسعار خصوصاً أن ذلك أدى الى زيادة الطلب على الخبز البلدي". ويشكو مستهلكون من رداءة الخبز المسعر بخمسة قروش وعدم وجود كمية كافية منه. وقال صاحب مطعم في حي عابدين، وسط المدينة، انه يضطر الى شراء الخبز المرتفع السعر، "لكن بعض الزبائن يتجنبنا لأن القدرة الشرائية لا تزيد مع زيادات الاسعار". ورفعت الحكومة منذ 12 عاماً الدعم الذي كان مقرراً للدقيق استخراج 72 في المئة. وسمحت لشركات القطاع الخاص باستيراد القمح الخاص بانتاجه وخرجت المخابز التي تستخدمه من نطاق الدعم والتسعير. وفي شارع بوسط المدينة وقفت فتاة تبيع خبزاً منتجاً من الدقيق المدعم ولكن بسعر عشرة قروش للرغيف، وهو خبز انتج في مخابز لا تعلن عن نفسها لكيلا تتعرض لعقوبة الغلق. وقالت البائعة: "هذا النوع من الخبز نقص وزنه بمقدار الربع وانخفضت جودته ولذلك أبيع كمية أقل". وأضافت ان المخبز كان يرسل لها 1500 رغيف يومياً تبيع معظمها، "أما الآن فالكميات غير المباعة تصل الى 500 رغيف في اليوم… الزبائن يسألون في ضيق عن سبب نقص حجم الرغيف وانخفاض جودته ولكن البعض يشترون مضطرين". وفي طابور أمام مخبز قطاع عام في حي عابدين قال رجل محذراً: "لو زاد حال الخبز سوءاً فلن تستطيع الحكومة مواجهة العواقب"، في اشارة الى الاضطرابات التي استمرت يومين العام 1977 وسقط فيها عدد من القتلى والجرحى برصاص قوات الامن. ولاحظت سيدة تقف في طابور أمام مخبز في حي السيدة زينب: "مشكلة الخبز جاءت في وقت ارتفع فيه ثمن كيلو الرز من 140 قرشاً قبل شهرين الى 240 قرشاً، وزاد ثمن كيلو المعكرونة من 160 قرشاً إلى 220 قرشاً في شهر".