أدى الحظر الجوي المفروض على ليبيا منذ 15 نيسان ابريل الماضي الى تدهور قيمة العملة المحلية والى ارتفاع متزايد في تكاليف المعيشة اليومية. فالسلع التي يستوردها القطاع الخاص الليبي، مثل الملابس والأجهزة الالكترونية، تمر اضطرارياً بمالطا أو مصر أو تونس قبل دخولها الى الأراضي الليبية، في حين تستورد الدولة مباشرة عبر ميناء طرابلس الذي تحول الى الرئة شبه الوحيدة للبلاد. وتفيد التقارير الواردة من ليبيا ان اسعار البضائع تضاعفت منذ عام بسبب تدهور سعر صرف الدينار الليبي بالنسبة الى الدولار. وتضيف ان قيمة الدولار تصل حالياً الى نحو 75،1 دينار مقابل أقل من دينار قبل عام وذلك في السوق السوداء. في حين يظل السعر الرسمي للدينار نحو 3 دولارات. ويعود انخفاض قيمة الدينار الليبي الى الطلب المتزايد على العملة الاميركية من قبل العمال الاجانب ومن مؤسسات القطاع الخاص المضطرة لتسديد فواتير مستورداتها بالعملات الصعبة. اضافة الى ان الازمة الليبية - الغربية دفعت الليبيين الى تحويل قسم من مدخراتهم بالدينار الى العملة الاميركية. وتواصل السلطات الليبية دعمها لبعض السلع الغذائية الأساسية مثل السميد والزيت والشاي الذي حافظ سعره على المستوى الذي كان عليه قبل عام. والذي يباع حالياً بنحو دينار للكيلوغرام في تعاونيات الدولة. الى ذلك تواصل الحكومة الليبية عملية تخصيص بعض المؤسسات العامة. وتخلت الدولة لصالح الموظفين في أواخر تشرين الأول اكتوبر الماضي عن ملكية مستشفيين. وكان الحظر الجوي الدولي المفروض على ليبيا كشف عن هزالة القطاع الصحي وعجزه عن مواجهة الحالات الطارئة، مما أدى الى وفاة نحو 150 مريضاً من أصل 3453 يتطلب علاجهم نقلهم الى خارج ليبيا. ومن المعروف ان العقيد القذافي يعارض فكرة "العمل المأجور" ويعتبر التخصيص محاولة لاخراج القطاع العام من ضعفه. وتنفي مصادر ليبية وجود صلة بين التخصيص الجاري في ليبيا والحظر الدولي المفروض عليها وتؤكد انه يندرج في سياق سياسة انفتاح اقتصادي اعتمدتها طرابلس منذ عام 1988. وترجمت نفسها عبر اعادة افتتاح المتاجر الصغيرة التي تم اغلاقها لصالح متاجر الدولة العملاقة. وتفيد مصادر ليبية ان التخصيص شمل بين العامين 1989 و1991 نحو 60 مؤسسة عامة، ويبدو ان العملية ستستمر وتشمل كل القطاعات الاقتصادية باستثناء القطاعات المعتبرة استراتيجية، مثل النفط الذي يوفر نحو 95 في المئة من موارد الدولة من العملات الصعبة. وتشير مصادر المعارضة الليبية، الى ان هذه المتغيرات تهدف الى تعزيز الوضع الداخلي للنظام الذي يواجه منذ سنة واحدة من اخطر ازماته مع الغرب.