ارتفع سعر الدينار الليبي امس في "بورصة بنقردان" على الحدود التونسية - الليبية الى 2.1 دينار تونسي نحو دولارين بعدما كان يعادل 2.7 دينار تونسي قبل شهر. وكانت انتعشت في مدينة بنقردان الحدودية سوق صرف موازية منذ فرض العقوبات الدولية على ليبيا في نيسان ابريل 1992. الا ان دور المحلات الخاصة للصرافة مرشح للتراجع وربما الاندثار منذ معاودة الرحلات الجوية الى العاصمة الليبية وتعليق العقوبات الأربعاء الماضي. وكان تجار العملة سارعوا الى بيع احتياطهم من العملة الليبية بعد زيارة رئيس جنوب افريقيا نلسون مانديلا ليبيا في 19 آذار مارس الماضي والتي اعلن خلالها الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي عن قرب تسليم المشتبه بهما عبدالباسط المقرحي والأمين فحيمة للمحاكمة، ما ادى الى ارتفاع سعر الدينار الليبي في بنقردان الى 1.5 دينار تونسي نحو 1.3 دولار، وهو أعلى سعر وصل اليه منذ سبعة أعوام. وتنتشر محلات الصرافة غير الرسمية في شوارع بنقردان ويخضع سعر الصرف للمساومة بين الزبون وصاحب المحل. الا ان عدداً كبيراً من الافراد يمارسون هذه التجارة خارج المدن ويقفون على طول الطريق الدولية بين محافظة مدنين ومركز رأس جدير الحدودي نحو مئة كيلومتر ملوحين برزم من العملة الخضراء الدينار الليبي وعارضين على المسافرين في السيارات والباصات اسعاراً مغرية قياساً على اسعار محلات الصرافة. وانعكس اعلان الولاياتالمتحدة الشهر الماضي عزمها الطلب من مجلس الأمن تشديد العقوبات على ليبيا تراجعاً في اسعار الصرف غير الرسمية لأن الصرافين توقعوا ان يؤدي تشديد الحظر الى انهيار الدينار الليبي. لكن اعلان الزعيم الليبي قبل زيارته الاخيرة لمصر عن قرب التوصل الى تسوية للأزمة، انعكس ارتفاعاً في اسعار الصرف بعدما توقع تجار العملة ان يستعيد الدينار قيمته السابقة اذا رفع المجتمع الدولي العقوبات. ويُصرف الدولار الاميركي حالياً في محلات الصرافة المنتشرة في بنقردان ب2.1 دينار فيما حدد "مصرف ليبيا" المصرف المركزي سعره في المصارف المحلية وجميعها تحت سيطرة القطاع العام بثلاثة دولارات للدينار الواحد. واكتسبت "بورصة بنقردان" اهمية متزايدة في الأعوام الاخيرة كون كثيرين يفضلون اسعارها على الأسعار الرسمية. كما ازدهرت في بنقردان حركة تجارية واسعة بعدما باتت الحدود التونسية متنفساً لغالبية الفئات الاجتماعية الليبية خصوصاً سكان العاصمة طرابلس الذين يأتون الى المدن التونسيةالجنوبية وفي مقدمها جزيرة جربة ومدينتا صفاقس وقابس للسياحة او الاستشفاء او التسوق. وتضاعف حجم بنقردان في الأعوام الاخيرة بعدما اصبحت اهم مركز يصل اليه القادمون من ليبيا، وتطور قطاع الخدمات فيها بشكل ملفت، حتى ان احد سكانها قال انها تجاوزت مركز المحافظة التي تتبع لها مدنين بعدما كانت قرية صغيرة لا يمر فيها سوى عدد ضئيل من السيارات عندما كانت الرحلات الجوية قائمة بين البلدين. وتتوافر في اسواق بنقردان حالياً أنواع مختلفة من السلع الآسيوية والمصرية والسورية والتونسية الآتية من ليبيا بأسعار ارخص من أسعارها المتداولة في تونس، ما شجع الكثيرين على الاشتغال في التجارة الموازية بين جنوبتونس ومدنها الاخرى في الوسط والشمال. ولا تختلف الأسعار هنا الا قليلاً عن مثيلاتها في المدن الليبية القريبة من الحدود والتي شهدت الحركة التجارية فيها نمواً كبيراً منذ معاودة فتح الحدود المشتركة وإلغاء التأشيرة بين البلدين عام 1988. وتنتشر في المدن الليبية من الحدود مع تونس الى العاصمة طرابلس محلات التجارة بالجملة والمفرق والتي انتعشت من تكاثف حركة المسافرين في الاتجاهين. وتعرض في صبراتة وجنزور وأبو كماش وصرمان وصولاً الى محلة الزوايق، الضاحية الغربية لطرابلس، سلع على الأرصفة امام المحلات على الطريق الدولية تراوح من اطارات السيارات الى الشاي والزيوت ولعب الأطفال. ويرجح محللون اقتصاديون ان يستمر ازدهار هذه التجارة الموازية حتى بعد انهاء العقوبات الدولية في حق ليبيا، لأنها كرست تكاملاً بين قطاع الخدمات على جانبي الحدود. الا انهم لا يتوقعون مستقبلاً مستقراً ل"بورصة العملة" في بنقردان اذ ان استعادة الدينار الليبي قوته السابقة سيجعل المضاربة في العملة نشاطاً خاسراً.