قال تعالى: ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون. وقال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: أخبرني جبريل عليه السلام أن الله تبارك وتعالى قال: ما ابتليت عبدي ببلية في نفسه أو ماله أو ولده فتلقاها بصبر جميل إلا استحيت يوم القيامة أن أرفع له ميزاناً أو أنشر له ديوناً. إن الرثاء وجراحات القلوب أو بكاء الأحبة عاطفة من أصدق العواطف الإنسانية وأخلدها على مر الدهر والدموع رحمة ربانية جعلها في قلوب عباده. عن أنس رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم دخل على ابنه إبراهيم رضي الله عنه وهو يجود بنفسه فجعلت عينا رسول الله تذرفان فقال له عبدالرحمن بن عوف وأنت يا رسول الله فقال: يابن عوف إنها رحمة الله،"إن العين لتدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزنون. فإذا كان هذا حزن من اختاره الله للرسالة ووهبه من قوة العزم وصدق النية، لفراق ولد له، فلنا أن نتصور الأثر الكبير الذي يتركه الفراق في نفوس سائر البشر. والابتلاء أمر أراد به سبحانه أن ينمي في النفس الإنسانية الثبات في مواجهة تقلبات الحياة يقول تعالى: أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين. وقد ذكر سبحانه وتعالى أن الصبر على مشقات الحياة من ثبات النفس فقال: واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور. وهذا من جليل العناية الإلهية ببني الإنسان أن جعل في الصبر على الشدائد قوة وعزيمة، ومن رحمة الله بالإنسان وبره به وعطفه عليه أن بشره بحياة أخرى باقية ظلها ظليل وهواؤها عليك، إنه يبشره بدار الخلود والبقاء، إذ إن الحياة الدنيا لا تخلو من المتاعب والهموم، وأن الإنسان لا بد أن يرضى بما قسم الله له، وقد أجزل الله العطاء لكل من يصبر على مشقات الحياة وبلائها، ويطلب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من كل مبتلى أن يستقبل البلاء بدواء نفسي ناجع يقول:"استقبلوا البلاء بالدعاء"ويقول نبي الرحمة عليه السلام:"أذكروا الموت فإنه هادم اللذات ومنغص الشهوات"، والإنسان سليم الإدراك قوي الإرادة يتغلب على هذا كله بالركون إلى الله، يستمد منه المدد والعون والصبر. فقد الوطن بالأمس القريب الراحل عبدالعزيز بن محمد أبوملحة وهو ينتسب إلى أسرة عريقة ذات ولاء وإخلاص للحكومة منذ من عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه إلى عهد والدنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز وذلك بالنفس والمال والكلمة وله دور كبير في خدمة الإنسانية من دون تفرقة، وهم أسرة بلغت من الكرم الذروة ومن الأصالة المنتهى. إن هذا الرجل كريم اليد واللسان والكلمة كان لا يعتذر من صاحب حاجة، وفاتح أبواب منزله للقاصي والداني وقدم كثيراً من الخدمات الإنسانية، إنه رجل فاضل من أسرة فاضلة. كان الفقيد على خلق كريم، بذل جهداً كبيراً من أجل الوطن فترك أعمالاً جليلة سيخلدها التاريخ، أحب الناس فأحبوه، وبقيت له ذكرى محمودة بعد وفاته، اللهم أرحم فقيدنا الغالي، واسكنه فسيح جناتك، وأطرح بركتك في ذريته وأجعلهم من الأبرار والأخيار وأنفع بهم الوطن وأهله. فهد بن فهد بن سعد الفردان