يكاد لا يخلو منهن شارع في جدة، وأكثر من ذلك يندر أن تجد إشارة مرورية دون أن تكون هناك متسولة وعلى ظهرها طفل ربما ليس لها تطرق بيدها على شبابيك السيارات، غير آبهة بأحد، في سبيل المال. ولم تكتف المتسولات بالتجول الحر في شوارع العروس، إذ ومع حلول شهر الصوم، أصبح لمهنتهن التي ربما تديرها شبكات متكاملة طرق أخرى ووسائل أقل ما يمكن وصفها بأنها صادمة، حيث استبدلت المتسولات الطرق على نوافذ السيارات بأبواب المنازل، مسببات لأهلها الإزعاج والقلق رغم رغبتهم بمنح الصدقة. وإزاء هذا المشهد الرمضاني في جدة، يبدي سكان العروس انزعاجهم من هذه الهجمات التي تبدأ قبل الإفطار بدقائق وتنتهي مع ختام المؤذن ب «لا إلاه إلا الله»، ويطالبون بالحد منها وفرض المزيد من الرقابة على المتسولات ومن يقف وراءهن. يقول محمد الجهني: بعض المتسولات «الأجنبيات» يتقن اللهجات السعودية ويأتين في أوقات حرجة للغاية، ويبدأن بالبكاء والاستعطاف وسرد القصص المؤلمة بشكل متقن، مبينا أن الشخص يتعاطف مع واحدة منهن أو اثنتين لكن أن يطرق باب المنزل أكثر من عشر نساء في اليوم، فهذا غير معقول أبدا. وأفاد الجهني أن المتسولات لا يتركن بابا في الحي إلا ويحاولن الدخول إليه، وهو ما يسبب إزعاجا لجميع أفراد الأسرة الصائمين. ويستغرب فهد مرزوق الحرية التي تتحرك فيها المتسولات في الأحياء وبين المنازل دون أن يقف في وجههن أحد، مبينا أن مشهدهن يسيء لسمعة البلد ويعطي عنه نظرة غير صحيحة، إذ يستغل المتسولات حب المواطنين للصدقة في شهر يعني الكثير للمسلمين. ويؤكد وحيد الحربي أن الجرأة تصل ببعض المتسولات حدا لا يغادرن فيه المنزل حتى يحصلن على مبتغاهن وخصوصا في هذا الشهر المبارك، ويقول إن الشخص ممكن أن يتحمل الوضع ليوم واحد أو يومين، لكن الخوف من تكرار المشهد طيلة الشهر، فهذا يؤثر على أصحاب البيوت مهما كانت حالتهم المادية جيدة. يشار إلى أن لجنة مكونة من جهات حكومية عدة بدأت منذ مطلع شهر رمضان بوضع خطة مشتركة لمكافحة التسول في منطقة مكةالمكرمة، كما أن هناك فرقا أمنية سرية معنية تلاحق المتسولين غير المتعففين في أماكن تواجدهم، وخاصة أمام المساجد وإشارات المرور والمراكز التجارية، وتضبطهم وتحيلهم للجهات المتخصصة. وأوضح مصدر في مكتب مكافحة التسول أنه في حال كانت المتسولة سعودية فإنها تخضع للتحقيق ثم تحول إلى دراسة اجتماعية، للتأكد من أنها تستحق المساعدة أم لا، وفي حال ثبت أنها مستحقة تحال إلى الشؤون الاجتماعية والجمعيات الخيرية ومكتب العمل لإيجاد عمل مناسب لها، ثم يؤخذ منها التعهدات اللازمة لعدم تكرار ذلك. وأفاد المصدر أنه في حال كان المتسول أجنبيا ويحمل إقامة نظامية فيخضع إلى التحقيق ومعرفة دوافعه للتسول ثم يستدعى كفيله ويحقق معه عن تركه بدون عمل وإهماله وإجباره على التسول، وإذا كان المتسول لا يحمل إقامة نظامية فيحقق معه أيضا وينتهي بالترحيل.