مثل السفر لعفت فدعق شرارة الانطلاق إلى عوالم التشكيل. ذلك حينما كانت تصحب والدها، الذي يعمل قائداً بسلاح البحرية،"كنا نسافر كثيراً في طفولتي، وأتاح لي فرصة لكي أكون محاطة بالفنون، والموسيقى، والآداب العالمية". المحطة الأخرى التي أسهمت في بلورة وجدانها، وبالتالي وجهتها إلى الرسم، وجودها في مجال التعليم وممارسة الفنون في سن باكر،"كانت لدي فرصة لأن أكون محاطة بفنانات مخضرمات، أمثال صفية بن زاقر، وفوزية عبداللطيف، ونوال مصلي اللاتي كن مهتمات بالحفاظ على ثقافة وتراث المملكة من خلال ممارساتهن الفنية". وأوضحت فدعق في حديث إلى"الحياة"، أن الفن كان يمارس بهدف الحفاظ على التراث،"بينما كان يتم التعامل مع التعليق على القضايا الاجتماعية باهتمام أقل. كانت ممارسة الفن مقيدة للغاية على صعيد التعبير، إذ كان الإبداع مقيداً بالرقابة، ليس من وجهة نظر دينية وحسب، لكن من وجهة نظر التراث والثقافة أيضاً. اليوم في عصر التكنولوجيا، الفنانون السعوديون لديهم القدرة على نقد وتحليل القضايا الاجتماعية، وعلى صعيد الإبداع والممارسة الفنية، فإن أعمال الفنانين السعوديين تكشف عن حرية في التعبير، مع الاحتفاظ بإخلاصها للعرض الجمالي". وقالت إن الحياة المعاصرة والتكنولوجيا"أثرتا تأثيراً عميقاً على الجيل الجديد، وقد وجدت بالفعل - بعيداً عن تسلط الضوء على القضايا الجوهرية لتطور المجتمع - أنها وفرت وسيلة للهروب من الواقع"، مشيرة إلى أنه لو كان هناك شيء جعلها تصبح فنانة، فإنه"حب المحيطين بي ومساندتهم، وإيماني بأهمية وحتمية التغيير، علاوة على إيماني بتأثير الجمل البصرية". مستوى فهم وتقدير المجتمع للفن، كان أحد التحديات الرئيسية التي واجهتها، لافتة إلى أنه"من المحزن أن ذلك يشمل أيضاً الكثير ممن يعملون بالفعل في صناعة الفن". تحب فدعق وتحترم كل الممارسات الفنية والفنانين، غير أنها مولعة بأعمال"مارسيل دوشان"،"أنيش كابور"و"مارك روثكو". وتتمنى عفت فدعق، التي تعمل رئيسة لقسم الفن الإسلامي في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، أن تغير"نظام تدريس الفن في المدارس". وتقول إن المشهد الفني المعاصر في السعودية"ينمو بسرعة كبيرة، ومع ذلك فإنه من المحزن أن مستوى الفهم والاهتمام بالممارسات الفنية المعاصرة يتسم بالضحالة". وترى أن محاولة الفنانين إقحام عناصر مجتمعهم وخلفيتهم الثقافية في أعمالهم، سيقدم"هوية سطحية فقط، ولن يعزز ممارساتهم الفنية على المدى الطويل". وأكدت حاجة الفنانين"إلى النقاد الحقيقيين وأناس لديهم ملاحظات مخلصة وتأويلات جريئة لأعمالهم. معظم العاملين في مجال الإعلام يأتون من خلفيات مختلفة وفهمهم للفن محدود، بدرجة لا تمكنهم من تقديم تقويم ملائم وعميق لأعمال الفنانين". وأوضحت أن مستقبل الفن"مليء بالتحديات والمنافسة على مستوى المواضيع والأفكار. أتوقع مستقبلاً عظيماً قائماً على مفاهيم عميقة وشيقة".