«التقدم عنواني بعد تحقيق الأماني، أكافح بذارعي واتحدى زماني، أتقدم، أتقدم، ولا أقف في مكاني، أتكلم، أتكلم، ولا يقف لساني». هكذا، يعبّر شباب الربيع العربي عن حلمهم على المسرح. يترجمون بالجسد والموسيقى حلم الغد وآمالاً في تغيير لا يزال أقرانهم يدفعون حياتهم ثمناً له. هذا بعض مما قدمه لفيف من الشباب العربي في «وجوه القمر» في مدينة سوسة على الساحل التونسي، وهو عمل درامي يأتي امتداداً لتجربة «استثنائية» في العالم العربي يقودها مؤسس الرقص الدرامي في العراق طلعت السماوي. وتهدف فكرة المشروع، المموّل من المعهد السويدي وجامعة يوتوبوري السويدية، والذي انطلقت باكورته في دمشق العام 2008 وتواصل في الجزائر العام 2009 وتونس العام 2011، إلى إعداد الشباب العربي على مناهج حديثة للرقص والمسرح والصوت، وتدريبهم على «الرقص الدرامي» أو «الرقص على الخشبة» بمعنى التعبير عن الذات من خلال الجسد. يقول السماوي، صاحب مجموعة «إكيتو» للرقص الدرامي التي تأسست العام 1996 في مدينة يوتوبوري السويدية، إن «وجوه القمر» مشروع يضم شباباً من العراق وتونسوالجزائر وسورية وفلسطين، «ونأمل أن ينضم إليهم مستقبلاً شباب من ليبيا ومصر والأردن، وعدد من الشباب السويديين المهتمين بإقامة علاقات مع المسرحيين الشباب العرب». وتناول «وجوه القمر» في تونس، موضوع «الربيع العربي» وتحولات ساحاته بأسلوب «الأدب الساخر». لا يفصل السماوي الكلمة عن الجسد في أعماله ضمن «المسرح الدرامي»، لكنه يعتبر الجسد لغة أساسية، يختزل فيها الفكرة والصوت، ويركّز على الإشارات الكامنة في الجسد والتي غالباً ما نهملها، وبذلك يتيح مساحة من الحرية لطرح الأسئلة. و«وجوه القمر» يمثل سعياً محموماً للخروج على الروتين وتحقيق التواصل، من طريق مواكبة الحداثة في نقل الفكرة، تعضده في ذلك الموسيقى التي تساعد المتلقي في الاستماع إلى الرأي الآخر. وعلى رغم ما للمسرح الدرامي من تاريخ عريق في الحضارات البابلية والسومرية والآشورية القديمة في بلاد ما بين النهرين، بل وفي العصر العباسي والحضارة المصرية وغيرها، يلحظ السماوي تراجعاً كبيراً في هذا المجال. والسبب هو «التردي الاجتماعي والثقافي في مجتمعاتنا العربية، تعززه القيود الاجتماعية، فالجسد هو الضحية الكبرى». ويبرز السماوي مشكلة افتقار مجتمعاتنا العربية إلى متخصصين في هذا المجال المسرحي، بجانبيه النظري والتطبيقي. ويقول: «في 22 دولة عربية، ليس لدينا عشرة مراجع لفنون الجسد وفن الرقص الدرامي أو فن الخشبة»، منبهاً من «استيراد الخبرات بطريقة عشوائية قد تغيّب الخصوصيات التي تميز طبيعة الثقافة العربية والأبعاد الإنسانية للمتلقي العربي». ويعزو النجاح الذي حققه «وجوه القمر»، لا سيما بنسخته التونسية، إلى الأفكار الشبابية الحرة، على رغم محدودية الوقت والموازنة، إذ «لم تكن أفكاراً فرضتها جهات ثقافية حكومية غالباً ما تجرد العمل الفني صدقيته». ويأمل في الاستمرار في عمله مع نخبة الشباب العربي، كاشفاً نيّته مفاتحة حكومات عربية طلباً لتسهيلات تمكن الفريق من التوسع والانتشار.