طغى الحزن والشجن على ليلة الوفاء التي نظمها نادي جدة الأدبي مساء الأربعاء الماضي، تكريماً للأديب والكاتب الراحل محمد صلاح الدين الدندراوي، وشارك فيها رئيس تحرير صحيفة"عكاظ"الدكتور هاشم عبده هاشم، والكاتب الصحافي عبدالله خياط، وعضو مجلس الشورى السابق الدكتور سهيل قاضي، وأدارها الإعلامي فهد الشريف. وتأتي هذه الليلة، التي حضرها عدد كبير من المثقفين والإعلاميين وابنتا الراحل المذيعة في قناة"العربية"سارة وهلا الدندراوي، بعد عام ونيف من وفاة الإعلامي الذي وصفه الجميع بالمفكر والسياسي والأديب، الذي أثرى الساحة الإعلامية والصحافية على وجه الخصوص. وقال الكاتب عبدالله خياط إن"الراحل عاش في حقبه زمنية مهمة في تاريخ السعودية والمنطقة بشكل عام، وكان ذا مواقف لا يمكن أن تنسى من تاريخ العمل الإعلامي، وصاحب مبادرات فكرية ومهنية أثرت في المجتمع الأدبي والسياسي". وأضاف:"رافقت الراحل في سفرات عدة وعرفته عن قرب، فلم يكن إلا رجلاً واسع الثقافات محباً للجميع"، مشيراً إلى أنه تعاون مع الأديب محمد صلاح الدين في إصدار نشرة باللغة الإنكليزية تعنى بالسفارات والديبلوماسيين، لافتاً إلى قوة طرحه عبر زاويته الشهيرة"الفلك يدور". من جانبه، أكد الدكتور هاشم عبده هاشم أنه عمل مع الراحل في صحيفة"المدينة"منذ بداياته الصحافية قبل ما يقارب ال40 عاماً، مشيراً إلى أنه كان له الفضل في صقل موهبته وتوجيهه في تلك الفترة، عندما كلفه بالاهتمام بالشأن المحلي والرياضي، الأمر الذي وفّر له فرصة الاحتكاك بعدد من الإعلاميين المرموقين في ذلك الوقت، أمثال أحمد محمد محمود وسباعي أحمد عثمان اللذين عملا في الصحيفة ذاتها. واعتبر هاشم أن الراحل كان"متديناً وذا رؤية منفتحة تجاه القضايا المختلفة وسياسياً، ومراقباً يحلل بنظرة ثاقبة وقراءة للأحداث بخبرة واسعة ومهنية عالية". وقال:"استقيت تعاليم الصحافة من الراحل، إذ تعلمنا منه ماذا تعني كلمة صحافة وماذا يعني القارئ، وكذلك الهم الاجتماعي وماذا ينبغي للصحيفة أن تقدم في اليوم التالي". من جهته، أشار الدكتور سهيل قاضي إلى القضايا التي اهتم الراحل بها ودافع عنها، مثل هيئة الإغاثة الإسلامية، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما نافح عن القضية الفلسطينية. وسلّط قاضي الضوء على الجانب الإنساني والاجتماعي للأديب الراحل، وشغفه بالعمل الاجتماعي وترسيخ مفاهيمه، ودعوته الدائمة إلى دعم تلك الجوانب من المؤسسات والجهات المختلفة. وأضاف:"رسخ الراحل - رحمه الله - دور المؤسسات الثقافية التي تحافظ على هوية الأمة، وكان مداوماً على الكتابة لمصلحة منظمة التعاون الإسلامي، إضافة إلى مجمع الفقه الإسلامي، كما أن له أصدقاء مسلمين من مختلف دول العالم، وكان على علاقة قوية بالعلماء". كما استحضر الدكتور سهيل بعض القصص الإنسانية من حياة الراحل، وقال إنه"كان لا يحقد على أحد، كما امتاز بالاستماع الجيد وقلة الكلام، واشتهر بكلمة حاضر أمام أي طلب، كما كان مبادراً إلى الخيرات ووفياً بالوعد، إذ امتاز بالإيثار". وأكد الكاتب زين العابدين الركابي، في ورقة قرأها نيابة عنه الدكتور عبدالإله جدع، على الجوانب الإنسانية في شخصية الراحل، وإسلاميته الواضحة في القول والفعل، وعلاقته الشخصية، مشيراً إلى المواقف التي جمعتهما وتميزت بالنقاء والصفاء. وفي المداخلات تحدث الدكتور علي الغامدي عن أول لقاء له بالراحل في كراتشي، وقال إنه وجد الراحل في كل بلدٍ ذهب إليه أثناء عمله في وزارة الخارجية. وشارك في المداخلات الكاتب محمد الفال، الذي تطرق إلى اللقاء الذي جمعه بالدندراوي قبل 25 عاماً، مؤكداً اكتسابه الكثير من الخصال الحميدة والقيم الإنسانية. وتوقّف الناقد حسين بافقيه عند تاريخ الدندراوي وبعد نظره، مشيراً إلى أنه استوعب الجميع ولم يكن متعصباً لرأيه. وطالب الدكتور يوسف العارف النادي بالعمل على جمع مقالاته في إصدار باسم الراحل، وهي المطالبة التي قال عنها فهد الشريف إن النادي يعمل على تنفيذها، بما فيها أوراق هذه الأمسية، إذ سيطبعها"أدبي جدة".