رابطة العالم الإسلامي تعزي تركيا في ضحايا الحريق بمنتجع بولاية بولو    «التجارة»: 19% نمو سجلات «المعلومات والاتصالات»    الخطيب: المملكة تستثمر 500 مليار دولار لتطوير وجهات سياحية جديدة    وزير الدفاع بالإدارة السورية الجديدة: نعمل لمنع اندلاع حرب أهلية    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تعقد ورشة عمل عن أسس ترميم المخطوطات والوثائق    وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية يلتقي المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة    وزير العدل يلتقي السفير الصيني لدى المملكة    حسام بن سعود: التطوير لمنظومة العمل يحقق التطلعات    آل الشيخ: خطبة الجمعة للتحذير من ظاهرة انتشار مدعي تعبير الرؤى في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي    محافظ الأحساء يُدشّن وجهة "الورود" أحدث وجهات NHC العمرانية في المحافظة    جناح مبادرة "Saudi House" يعرّف زوار "دافوس" بمنجزات المملكة ويعقد جلسات متنوعة    السعودية تحقق رقماً قياسياً جديداً في عدد صفقات الاستثمار الجريء وتحافظ على صدارتها الإقليمية    أقل من 1% تفصل الذهب عن قمته التاريخية    من «دافوس».. «الجبير» يبحث التعاون المشترك مع البيرو والأمم المتحدة    بدء أعمال المرحلة الثانية من مشروع تطوير الواجهة البحرية لبحيرة الأربعين    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير جوازات المنطقة بمناسبة تعيينه    اعتقالات وحواجز أمنية وتفجيرات.. جرائم إسرائيل تتصاعد في «جنين»    الأمير محمد بن ناصر يدشن المجمع الأكاديمي الشرقي بجامعة جازان    إحباط تهريب 352275 قرصاً من مادة الإمفيتامين المخدر في تبوك    محافظ الخرج يستقبل مدير مكافحة المخدرات    أمير الشرقية يكرم الداعمين لسباق الشرقية الدولي السادس والعشرين للجري    أنغولا تعلن 32 حالة وفاة بسبب الكوليرا    تكريم 850 طالبًا وطالبة بتعليم الطائف    جامعة حائل تستضيف بطولة ألعاب القوى للجامعات    توقيع شراكة بين جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل وجمعية هجر الفلكية    500 مليار دولار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي بالولايات المتحدة    إلى رقم 47 استمتع بها.. ترامب يكشف عن رسالة بايدن «الملهمة    صندوق الاستثمارات العامة وشركة "علم" يوقّعان اتفاقية لاستحواذ "علم" على شركة "ثقة"    كعب «العميد» عالٍ على «الليث»    فرصة هطول أمطار رعدية على عدة مناطق    الاتحاد والشباب.. «كلاسيكو نار»    وفاة مريضة.. نسي الأطباء ضمادة في بطنها    انخفاض في وفيات الإنفلونزا الموسمية.. والمنومون ب«العناية» 84 حالة    سكان جنوب المدينة ل «عكاظ»: «المطبّات» تقلقنا    محافظ الخرج يزور مهرجان المحافظة الأول للتمور والقهوة السعودية    وزير الخارجية من دافوس: علينا تجنّب أي حرب جديدة في المنطقة    10 % من قيمة عين الوقف للمبلّغين عن «المجهولة والمعطلة»    المكاتب الفنية في محاكم الاستئناف.. ركيزة أساسية لتفعيل القضاء المؤسسي    إنستغرام ترفع الحد الأقصى لمقاطع الفيديو    قطة تتقدم باستقالة صاحبتها" أون لاين"    علي خضران القرني سيرة حياة حافلة بالعطاء    إيجابية الإلكتروني    شيطان الشعر    وفد "الشورى" يستعرض دور المجلس في التنمية الوطنية    كوليبالي: الفوز ب«عرض كبير» هدفنا    وفاة الأمير عبدالعزيز بن مشعل بن عبدالعزيز آل سعود    ولي العهد يرأس جلسة مجلس الوزراء    كيف تتخلص من التفكير الزائد    عقار يحقق نتائج واعدة بعلاج الإنفلونزا    خطة أمن الحج والعمرة.. رسالة عالمية مفادها السعودية العظمى    بيتٍ قديمٍ وباب مبلي وذايب    تأملات عن بابل الجديدة    "رسمياً" .. البرازيلي "كايو" هلالي    الدبلوماسي الهولندي مارسيل يتحدث مع العريفي عن دور المستشرقين    متلازمة بهجت.. اضطراب المناعة الذاتية    في جولة "أسبوع الأساطير".. الرياض يكرّم لاعبه السابق "الطائفي"    مفوض الإفتاء في جازان: المخدرات هي السرطان الذي يهدد صلابة نسيجنا الاجتماعي    برئاسة نائب أمير مكة.. لجنة الحج تستعرض مشاريع المشاعر المقدسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قافلة "الحرية"... قافلة "الموت"
نشر في الحياة يوم 05 - 06 - 2010

لا يصدق أي أحد ما قامت به دولة العصابات الصهيونية من عمل إجرامي تجاه قافلة الحرية المتجهة إلى غزة لكسر الحصار عنها، إلا من يعرف تاريخ إسرائيل الإجرامي الذي قامت عليه، مبتدئة هذا التاريخ باغتصاب أرض من أهلها وسرقتها وتشريدهم واستخدام أعنف وأكثر الطرق همجية في التنكيل بهذا الشعب الأعزل، منتهكة كل الأعراف والمواثيق الدولية، ومدعومة من دول يفترض أن تكون حامية وراعية للقانون الدولي.
واليوم تؤكد إسرائيل مدى وحشيتها وعنصريتها في التعامل مع مجموعة نشطاء سلام أرادوا أن يقدموا مساعدات إنسانية إلى سكان غزة المحاصرين، لا لذنب اقترفوه سوى ممارستهم لحقهم الديموقراطي في انتخاب من يرونه مناسباً.
أثبتت دولة العصابات الصهيونية مدى وحشيتها وعنصريتها وغطرستها، بسبب الدعم الذي تلقاه من الدول الغربية، حتى بدأ يخيل للجميع أنها الدولة التي لا يطبق عليها أي قانون، مهما ارتكبت من الأعمال المشينة في حق الشعوب الأخرى، وحتى الناشطين للسلام من شعوب الدول الغربية.
إن غرور القوة بدأ يعطي لإسرائيل الحق في انتهاك كل الأعراف والقوانين الدولية، والحقوق الإنسانية، متناسية قوة الرأي العام التي ستكون له الكلمة الحاسمة ذات يوم، بعد أن انقشعت كل أغطية التزييف والخداع الإسرائيلية لهذا الرأي، خصوصاً الغربي منه في السابق، لتظهر على حقيقتها في السنوات الأخيرة، ومنذ بدأت الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، إذ لعبت الفضائيات دوراً حيوياً بنقل وقائع هذه الوحشية الإسرائيلية في التعامل مع أطفال ونساء وشيوخ الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتجدد كشف عدد من الممارسات الوحشية واللا إنسانية السابقة، كقتل الطفل محمد الدرة أمام عيون العالم كله، وفي القرن ال"21"الذي يفترض أن تنتهي مثل هذه الممارسات.
لقد أدانت الكثير من دول العالم الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية ما أعطى انطباعاً بأن العلاقات الإسرائيلية مع الكثير من دول العالم ستشهد توتراً، خصوصاً مع تركيا التي قتل لها عدد من النشطاء على هذا الأسطول وعلى سفينة مرمرة التركية التي تقود أسطول الحرية إلى غزة، سيكون هناك انعكاس قوي لهذا الهجوم على العلاقات التركية الإسرائيلية المتأزمة أصلاً منذ الهجوم على غزة وحصارها، إذ أدانت تركيا الهجوم بأشد العبارات معتبرة الهجوم عملاً إرهابياً على مستوى دولة، وجريمة دنيئة لا تغتفر ومن يسكت عنها هو شريك فيها، هذا ما قاله رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، الذي بدا غاضباً جداً من الهجوم الإسرائيلي على قافلة الحرية.
أما بالنسبة للمواقف العربية فقد كانت منددة وشاجبة للهجوم، وتتراوح بين الطلب من بعض الدول العربية بعقد اجتماع لمجلس الجامعة العربية ومقاطعة عملية السلام ووقف أشكال التطبيع كافة، إلى دعوة للمقاومة ودعم أشكالها كافة، بحسب ما طلب الرئيس السوداني عمر البشير، ولكن لا تزال المواقف العربية من دون مستوى الحدث، ويبدو أن تركيا تتقدم على جميع مواقف الدول سواء عربية أو غير عربية تجاه هذه القضية التي اعتبرتها قضيتها الأولى.
كما أظهرت الكثير من دول الاتحاد الأوروبي مواقف قوية تجاه الهجوم على قافلة الحرية، خصوصاً اليونان وإسبانيا والنرويج والسويد والدنمارك، وذلك باستدعاء السفراء الإسرائيليين في هذه الدول والتعبير عن السخط والاستنكار على الهمجية الإسرائيلية، ما يعطي أن انعكاساً سلبياً سيكون على العلاقات الأوروبية والإسرائيلية، بسبب هذه الهجوم، ويشجع على تطور إيجابي في المواقف الغربية تجاه القضية الفلسطينية سيحدث في المستقبل، بسبب تطورات الرأي العام في هذه الدول.
أدانت الصين بشدة وبسرعة الهجوم الإسرائيلي وعلى غير عادتها التي تتأنى في اتخاذ موقف سريع وواضح في الأحداث الدولية، لكن الهجوم الإسرائيلي أعطى انطباعاً أن الصين ستقود موقفاً دولياً مشجعاً لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يدين العمل الإسرائيلي بكل أوجهه، وبحسب طلب تركيا ولبنان المعومين من المجموعة العربية في الأمم المتحدة، أما بالنسبة للموقف الروسي فهو أيضاً أدان الهجوم الإسرائيلي على القافلة، ومطالباً إسرائيل باحترام القانون الدولي، ورفع الحصار المفروض على غزة، ما يعزز المواقف العربية والتركية في مجلس الأمن الدولي لإدانة الهجوم الإسرائيلي والمطالبة بتحقيق دولي حول ملابسات الهجوم، على رغم الموقف الأميركي المعارض لأي بيان من مجلس الأمن الدولي يندد بشدة بالهجوم الإسرائيلي.
إن الهجوم على قافلة الحرية قتل عملية السلام في المنطقة، وكشف للعالم مدى الكذب والزيف الإسرائيلي، وكذلك التسويف الذي تمارسه مع الفلسطينيين تجاه عملية السلام، إذ كان ظهر سفينة مرمرة التركية القبر الذي دفنت فيه كل آمال السلام في المنطقة، لينكشف القناع الإسرائيلي، ويظهر الوجه الحقيقي لإسرائيل كدولة مارقة ومنتهكة للقانون الدولي، ولا تحترم حقوق الإنسان ولا تؤمن بالسلام، بل تقوم بأعمال القرصنة وعدم احترام الجميع، وحتى أقرب حلفائها لا تتورع بإحراجه في الكثير من المواقف، لذلك يعتقد الكثير من المحللين والمراقبين أن هذه العملية سيكون لها انعكاسات سلبية جداً على عملية السلام، إن لم تكن السبب بموتها.
ليس هناك مبرر لاقتراف إسرائيل هذا العمل الإجرامي سوى القرصنة والبلطجة، وعدم احترام القانون الدولي والشرعية الدولية، وستخسر كثيراً أمام الرأي العام، إذا استطاع العرب أن يستفيدوا من التعاطف الدولي الإعلامي، والشعبي، خصوصاً الغربي منه، وكذلك الاصطفاف الإسلامي الذي تتزعمه تركيا بشكل صحيح، وتوحيد مواقفهم السياسية والإعلامية تجاه قضية قافلة الحرية للاستفادة من هذا الزخم في تجريد إسرائيل وتعريتها أمام الإعلام والرأي العام العالميين، من خلال تطوير آلياتهم الإعلامية.
لاشك أن الإعلام سيلعب دوراً حاسماً في تغطية الهجوم الإسرائيلي على قافلة الحرية، بشكل يجعل الرأي العام الدولي يكتشف زيف الإدعاءات الإسرائيلية بالحرية والديموقراطية، لتحل محلها الهمجية والبربرية وقتل الإنسان من دون أي وجه حق، إضافة إلى اغتصاب حقوق الآخرين، كما أن الولايات المتحدة أثبتت بموقفها من البيان الرئاسي لمجلس الأمن الدولي، أنها ستظل تشجع إسرائيل على الغطرسة والقرصنة، على رغم إدعائها ببذل الجهود في المشاريع السلمية في المنطقة، وأنها لن تكون راعي سلام محايداً، وأن صورتها الذهنية لن تتحسن في العالمين العربي والإسلامي في ظل مواقفها غير المنصفة تجاه القضية الفلسطينية.
* أكاديمي سعودي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.