لا أدري، أأضحك أم أبكي على الحال التي وصلنا إليها كمجتمع، أصبحنا فيه مجبرين كل يوم على سماع آراء مضحكة، وفتاوى غريبة وشاذة، تتناول قضايا الفرد والمجتمع، ومنها المطالبة بهدم بيت الله الحرام، وإعادة بنائه لمنع الاختلاط فيه بين النساء والرجال، التي جاءت على لسان الدكتور يوسف الأحمد. فاليوم، جاءت المطالبة بهدم بيت الله الحرام، وإعادة بنائه من جديد، على ان يحوي 10 أو 20 دوراً، وأن يخصص كل دور لجنس معين، أدواراً للإناث، وأخرى للذكور، وربما نستيقظ غداً على مطالبة من شيخ آخر، بتقسيم مواعيد فريضة الحج إلى عام للنساء، وآخر للرجال، وذلك إمعاناً في التضييق على أي فرصة تمكّن من حصول اختلاط بين النساء والرجال، لدرأ المفاسد الناتجة عنه، واليوم الذي بعده، سيتقدم أحدهم بحلول إبداعية، تقضي على الاختلاط من جذوره، وذلك ضمن برنامج متكامل يمنع الاختلاط من المهد إلى اللحد، يبدأ بتخصيص أجنحة في مستشفيات الولادة للمواليد الذكور، وأخرى للإناث، وهذا يقتضي ضرورة تحديد جنس الجنين قبل الولادة، ليسهل على الطاقم الطبي، المكون بالطبع من النساء، التوجه بالمرأة التي تعاني من آلام المخاض مباشرة إلى الجناح المناسب لها، تبعاً لجنس جنينها، مروراً بتخصيص أسواق ومتنزهات وطرقات ومستشفيات وشواطئ وغيرها من المرافق الخدمية للنساء فقط، وينتهي بتخصيص مقبرة للنساء، وأخرى للرجال، ليتم فيهما دفن الموتى كلاً بحسب جنسه، وبهذا يكون الفصل بين الجنسين قد تحقق، من المهد إلى اللحد. في أحد أجزاء المسلسل المحلي الشهير"طاش ما طاش"، استغرقنا في الضحك، ونحن نتابع ما جسدته حلقة من حلقاته، من مشاهد بدت غريبة علينا حينها، وذلك عندما لجأ المتشددون إلى تقسيم المدينة التي يعيشون فيها، إلى قسمين، أحدهما للنساء، والآخر للرجال، وذلك لمنع الاختلاط، ربما عد بعض المشاهدين هذه الحلقة من الخيال المحال حدوثه، ولكن هذا ما سيؤول إليه مجتمعنا السعودي، إن سمحنا لهذا الفكر القائم على عزل المرأة وتغييبها، بالتكاثر بيننا. وسؤالي هو: لماذا يُصر البعض منا على جعل مجتمعنا أضحوكة بين الأمم؟ وإلى متى سنبقى محلاً لسخرية شعوب العالم؟ وإلى متى وبعضنا سيظل يحمل هذا الفكر الغريب الذي يعيش خارج منطق العصر، ويسير بعكس اتجاه الحضارة؟ سعاد علي المختار - الرياض ناشطة اجتماعية ومدربة في تنمية الموارد البشرية