العلاقات السعودية - اللبنانية تاريخية ومتفردة وقد أسهم في متانتها، تلك الروابط المميزة التي تربط بين قيادة البلدين على مر العصور، إذ سعت إلى ترسيخ وتعزيز العلاقات الرسمية والإنسانية والأهداف الأخوية بين الشعبين السعودي واللبناني. ولا شك أن الوقوف إلى جانب لبنان ثابتة من ثوابت السياسة السعودية، إذ تدعم الرياض وتحتضن كل ما من شأنه تعزيز الوحدة الوطنية اللبنانية وإنهاء الخلافات الداخلية، كما تساند كل دعوة إلى الحوار البنّاء، وهذا ما قامت به خصوصاً مع اتفاق الطائف. والدور الذي تقوم به المملكة تجاه لبنان هو الدور الأخوي الإيجابي الذي تتعاطى به مع كل الدول العربية والإسلامية الشقيقة وهو نابع من التزامها جميع القضايا العربية والإسلامية ومن قناعتها أن الشعوب العربية والإسلامية واحدة وقضاياها واحدة وإن اختلفت وجهات النظر فيما بينها في بعض الأحيان. ويعتبر لبنان الوجهة السياحية المفضلة للمستثمر السعودي وللخليجيين عموماً، وهو بلد يتميز بمناخه المعتدل المناسب للسياحة، خصوصاً في فترة الصيف، كما أن له طبيعة جبلية خلابة، ومن أكثر الأشياء تميزا فيه أنه محاط بحزام من الخضرة على مدار السنة بسبب كثرة زراعة شجر الأرز ووجود الأشجار المعمرة التي تغطي مساحة كبيرة من أراضيه، وهو فوق ذلك بلد ساحلي لطول حدوده المطلة على البحر المتوسط. وينظر السعوديون إلى لبنان على أنه المقصد المناسب للسياحة وقضاء فترات العطلات على مدار العام، وفيه ينعمون بالأمن، والراحة، وحسن المعاملة، خصوصاً أن غالبية من يتعامل مع السياح الخليجيين ينطلقون في ذلك من باب المسؤولية والحرص على راحة الزوار وإكرام الضيوف كمبدأ متعارف عليه. ويسير لبنان باتجاه التوسع في صناعة السياحة، إذ يقدم تيسيرات غير عادية للخليجيين لزيارته منها على سبيل المثال أنه يمكن الحصول على تأشيرات الدخول - للخليجيين- فقط من المطار وهي مجانية ولمدة ستة أشهر، والشيء ذاته تقريباً للسياح الأجانب والعرب. وأحب أن أشير هنا إلى أن الاستثمارات السعودية في لبنان تقترب من 20 بليون ريال وهي مرشحة للزيادة، وتتركز في العقار أولاً، ثم السياحة وبعض الصناعات الأخرى، وهذه الاستثمارات السعودية في لبنان وكذلك اللبنانية في المملكة تنمو بشكل مستمر، فيما القوانين والأنظمة القائمة حالياً التي تنظم المناشط الاقتصادية في البلدين محفزة بعد أن تم رفع كثير من العقبات التي كانت تحول دون تواتر تدفق الاستثمارات بشكل ميسر. وتحتضن المملكة أعداداً كبيرة من العمالة اللبنانية التي تتجاوز 300 ألف شخص، والتي تعد أكبر جالية عربية مستثمرة داخل المملكة، كما أن المستثمرين اللبنانيين فيها يتجاوزون ال 600 مستثمر، تتركز غالب استثماراتهم في أعمال المقاولات، والإنشاءات، والديكورات، وبعض الصناعات. والحقيقة أن المجلس السعودي - اللبناني معني بتنشيط التبادل التجاري وتوسيع آفاق المشاركة الاقتصادية بين مستثمري البلدين، كما يسعى جاهداً لإيجاد حالة من التواصل بين رجال أعمال البلدين ومناقشة عديد من القضايا الاقتصادية التي تهم كل جانب مع طرح أفكار ورؤى تخدم اقتصاد الجانبين. وهناك مشاريع سياحية واعدة ستكون في لبنان، وهذا الموضوع على قائمة اهتمامات المجلس السعودي - اللبناني في الفترة الحالية. إن الفرصة الحالية سانحة أمام اللبنانيين لاسترجاع مكانة لبنان التي عرفت عنه طوال خمسينات وستينات القرن الماضي. رئيس مجلس الأعمال السعودي اللبناني. [email protected]