كنت وما زلت من المهتمين بمتابعة أنشطة الجمعية الوطنية لحقوق الانسان، وذلك لما لها من دور بارز في تنبيه الأفراد لحقوقهم التي كفلها لهم الشرع والنظام، وكذلك لجهودهم في متابعة إصدار الأنظمة واقتراح التعديل عليها بما يتوافق مع حقوق الانسان، وأهم من ذلك كله ما توليه من اهتمام كبير بتقويم الأجهزة الحكومية من خلال متابعة مستوى أدائها ومراقبة مدى التزام أفرادها بأنظمة الدولة، خصوصاً نظام الإجراءات الجزائية، وقد اطلعت على التقريرين الأول والثاني عن أحوال حقوق الانسان في المملكة فألفيتهما احتويا على قدر من النتائج المهمة التي تدل على متابعة واهتمام بالغين بأهمية تفعيل حقوق الانسان ومعالجة أوجه القصور الصادرة من بعض الجهات أو الأفراد، وكنت آمل أن تقتصر اللجنة على متابعة تلك الأجهزة الحكومية المعنية بتلك الملاحظات وذلك للالتزام بها، أو الرفع للمقام السامي عند عدم التجاوب معها، الا أن الملاحظ أن الواقع العملي لم يتغير، وأن تلك الأخطاء والملاحظات المكتوبة ما زالت موجودة على أرض الواقع. كنت أخيراً في زيارة لمبنى الترحيل وألمت لحال تلك العنابر المهترئة التي يحتجز فيها مخالفو نظام الاقامة بشكل غير جيد، فلا أماكن كافية ولا برادات مياه ولا تكييف يكفي تلك الجموع الكبيرة، وعلى رغم أن التقرير السنوي الثاني للجمعية في توصيته ال20 ناشد الجهات الحكومية ببناء مقار مملوكة تفي بمتطلبات حقوق الانسان الا أن مثل هذه التوصية تتطلب المتابعة الحثيثة للاسراع بتطبيقها كلياً أو جزئياً على الأقل، فإن لم تتوافر مقرات كافية فلا أقل من أن يتم اعادة تجهيز المقرات الموجودة وتطويرها وتكييفها والعمل على أن تفي بالحد الأدنى من حقوق الانسان. وبدلاً من أن تكرس الجمعية الوطنية لحقوق الانسان مجهوداتها كافة لتفعيل تلك التوصيات، وأن تكثف مجهوداتها ضمن اطار اختصاصاتها المنصوص عليها بالمادة الثالثة من النظام الأساسي للجمعية الوطنية لحقوق الانسان إلا أننا نجد بعضاً من أفرادها بدأوا يخرجون عن هذا المسار وينازعون أهل الاختصاص المعنيين بشؤون الفتيا ممن خولهم ولي الأمر بذلك، كهيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للافتاء، وذلك باجتهادات فردية غير مقبولة تتناول الخوض في الاحكام الشرعية في قضايا مهمة كحكم زواج القاصرات وزواج المسيار، وتحديد مفهوم القوامة ومقدار الدية الشرعية وغير ذلك من المسائل الفقهية التي ينبغي على آحاد العلماء ? فضلاً عمن دونهم ? ألا يستأثروا بالرأي فيها، وأن يتأنوا لعرض هذه المسائل على المجامع الفقهية، أما أن يأتي من يستشهد بالنصوص على غير وجهها، أو أن ينال من موثقية صحيحي البخاري ومسلم، وذلك للتدليل على ما يرومه ثم ينازع قضاة المحاكم الشرعية في أحكامهم، أو أن يطالب وزارة العدل بتطبيق هذه الأطروحات، فهذا هو ما نربأ بهذه الجمعية الموقرة أن تخوض فيه. عبدالعزيز بن غرم الله الغامدي - الرياض مستشار قانوني