أتيحت لي فرصة في بداية شهر جمادى الأولى الماضي، بالسفر إلى مكةالمكرمة لأداء العمرة أنا وعائلتي، بعد ذلك ذهبنا إلى مدينة جدة لقضاء بعض الوقت هناك بصحبة العائلة، ولفت نظري حجب البحر عن المتنزهين عن طريق بناء الشاليهات، ولا أبالغ لو قلت إنه لم يبق إلا القليل من الفرجة لمشاهدة البحر، على رغم صدور الأمر الملكي بالابتعاد عن البحر مسافة 400 متر تجاه اليابسة لعمل أي مشروع تجاري، إضافة إلى عدم إصدار صكوك لتمليك الأراضي الواقعة قرب البحر، مع نزع الأملاك التي حصل عليها أصحابها في الماضي تجاوزاً، وذلك من أجل خدمة المصلحة العامة. من ضمن ملاحظاتي بناء المساجد بكثرة قرب البحر، وهذا المنظر غير العادي يلفت نظر أي شخص يشاهده، حتى وإن كان معظمها لا يصلي فيه سوى عدد قليل. في اعتقادي أن هذا أسلوب مخادع من أصحاب المصالح الذاتية، الهدف منه في النهاية هو الاستيلاء على الأراضي القريبة من البحر، ولا أعلم أين نظام وزارة الشؤون الإسلامية الذي لا يسمح ببناء مساجد قريبة من بعضها، ويشترط مسافة فاصلة بين كل مسجد وآخر لا تقل عن 300 متر، بينما المساجد الموجودة على البحر لا تبعد عن بعضها هذه المسافة. هذا الأسلوب يذكرني بمقيم كان يعمل سائقاً لإحدى المعدّات في شركة مقاولات متخصصة في رصف الطرق، ويحكي لي هذا السائق أنه لم يكن ملتزماً بالدوام الرسمي المطلوب، وفي أحد الأيام قام رئيسه المباشر بجولات ميدانية، وكان السائق مسترخياً والمعدّة واقفة، إلا أنه عندما شاهده المدير من بعيد قام يصلي في وقت غير وقت الصلاة من أجل الهروب من الخصم وتلافي الإنذار أو الفصل. أقول إن هذه القصة الواقعية تنطبق على بعض التجار في جدة وغيرهم من أصحاب المصالح الذاتية، لتملكهم شواطئ البحر عن طريق فعل الخير ببناء هذه المساجد، وهم في حقيقة الحال يتهربون من أنظمة ومساءلة الجهات الرقابية، ضاربين بالأوامر والتعليمات الصادرة بهذا الخصوص عرض الحائط. لا أخفيكم أنني ومن خلال ما شاهدته هناك، أستطيع القول إن العمل جار في الوقت الحاضر على قدم وساق لإكمال بناء الشاليهات على الشاطئ المذكور، وأنا هنا أطالب المسؤولين في الجهات ذات الصلة بالعمل سريعاً لإيقاف هذه التجاوزات ومنع حدوثها مستقبلاً على شواطئ بلادنا الحبيبة، لحفظ ما تبقى من شاطئ البحر الأحمر وأمثاله من الأماكن الأخرى، مع محاسبة من تسبب في حجب البحر عن المتنزهين، الذين تمثل فئة ذوي الدخل المحدود نسبة كبيرة منهم، وهم المتضررون لعدم استطاعتهم استئجار الشاليهات لأسعارها المرتفعة. محمد سعد عون - الدمام