حشد الجناح السعودي في معرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته ال41، التي انطلقت الأربعاء الماضي، عدداً من الفعاليات المهمة، وكانت متنوعة وشارك فيها نخبة من أدباء وأديبات السعودية، وشهدت إقبالاً واسعاً. ومن ضمن هذه الفعاليات ندوة عن ملامح الشعر السعودي الحديث، قدمها رئيس نادي جدة الدكتور عبدالمحسن القحطاني، وأدارها الشاعر عبدالله الزيد. القحطاني بدأ حديثه بسؤال نابع عن مقولة للدكتور طه حسين إلى خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك فهد بن عبدالعزيز، قال فيها:"لكل عربي وطنان، وطن طبيعي تربى به ونشأ فيه، ووطن علمه ذائقة الإبداع وتهذيب الروح". وهو يشير بذلك إلى مكةالمكرمة. من هذه الشهادة يتساءل الدكتور عبدالمحسن:"هل مازالت مكة والمملكة العربية السعودية تحملان"وهج الأس"في نسق الأمة العربية؟". وتجيب شواهد الشعر السعودي الحديث عن السؤال، حين تعبر عبر مسيرتها الفنية، على امتداد عمر الشعر وخروجاً من القصيدة العربية القديمة بالشكل العمودي، مروراً بالشعر المرسل وشعر التفعيلة أو الشعر الحر، الذي يرى فيه الدكتور عبدالمحسن قيداً على الشاعر نفسه، إذ اختصر مساحة الإبداع وحددها في ثمانية أبحر هي نصف أبحر الخليل الموسيقية. إلا أن الشاعر السعودي الحديث، بحسب القحطاني، أبدع شكلاً خاصاً به، التزم من خلاله بالدور المنوط به في كونه الوهج الإبداعي المعبر عن حال الأمة: أحلامها وأوجاعها آمالها وأحزانها، هذا الشاعر السعودي الذي غرس قدمه في أرض وطنه واشرأب رأسه إلى الأمة العربية كلها. والشاعر العربي الحق، كما يقول، هو الذي لا يخذل الأذن العربية:"ولا يكذب عليها، هو ما رعاه الشعر السعودي الحديث إذ جاء معبراً عن أحلام أهله وآمال أمته، فحدث أن شكل الوطن لغة، وموسيقى، وآلاماً، وأحلام الشاعر، سواء شعراء الجنوب ومنهم علي محمد صيقل الذي يقول:"وشم على ساعدي نقش على بدني... وفي الفؤاد والعينين يا وطني... شمسا حملتك فوق الرأس فانسكبت... مساحة ثرة الأضواء تغمرني قبلت فيك الثرى حبا وفوق فمي... من اسمرار الثرى دفء تملكني". وأيضاً شعراء الشمال ومنهم عبدالله الصيخان، الذي يقول:"جئت معتذراً ما في فمي خبر... رجلاي أتعبهما الترحال والسفر. ملت يداي تباريح الأسى ووعت... عيناي قاتلها ما خانها بصر إن جئت يا وطني هل فيك متسع... كي نستريح ويهمي فوقنا مطر". فالوطن حاضر يشكل فنية الشعر وموضوعه. وشهدت الندوة مداخلات عدة وأسئلة واعية من الحضور الذي تنوع، من سعوديين ومصريين وعرب. الشملان تدافع عن القصة في مواجهة الرواية "على رغم الادعاء بأننا في زمن الرواية فالقصة القصيرة في خير حال"، هذا ما أكّدت عليه القاصة السعودية شريفة الشملان، في المحاضرة، التي نظمها الجناح السعودي وحملت عنوان:"الفن القصصي في السعودية"وأدارها الدكتور عبدالله المعطاني. وبدأت القاصة بقراءة قصتين، أحدهما لعبدالله بن ناصر والأخرى لهند العتيبي. واستعرضت في محاضرتها دور القصة القصيرة، وأهميتها في التعبير عن أهم قضايا ومشكلات المرأة السعودية،"فقد بدأت المرأة كتابة القصة القصيرة في السعودية في السبعينات، وكانت آنذاك بمنحى عن النقد ثم تتبع النقد والنقاد خطواتها حتى كبرت ونضجت، وأصبحت نوعاً أدبياً يعتد به في المملكة". وتطرقت الشملان إلى أجيال القصة، منذ بداياتها في المملكة سنة 1966، عندما صدرت أولى المجموعات القصصية لنجاة خياط وفوزية البكر، ثم أعقبتهما هند باغفار وعهد الشبل وميس منصور وغيرهن،"عندها بدأت المرأة السعودية بالبوح عن متاعبها، سواء كانت ربة منزل أم امرأة عاملة، وتبنت قضية تهم كل النساء بشكل عام، وهي أنهن على رغم ما وصلن إليه فهن لسن صاحبات القرار، وأيضاً عانت مع الأم الفلسطينية ما تعانيه منذ القدم. وهؤلاء أحسبهن جيل الرواد وجيل ما بعد الرواد، وأحسب نفسي منهن". وألقت الشملان الضوء على ما أسمته بجيل الشباب، الذي يمثله من الشباب جعفر الجشي وشمس علي وعبدالرحمن الباركي وهيفاء الفريحي وطلق المرزوقي، وقالت إن هؤلاء الشباب،"يعبرون بطريقتهم القصصية الخاصة عن قضيتهم وهمومهم، ولكن بطرق عصرية تكتنفها التكنولوجيا، فهم لا ينتظرون رضا الصحافة أو النقد أو المحررين، فلديهم تقنياتهم التي ينفذون للعالم من خلالها من دون ريبة أو خوف.