أصبح مخجلاً لرب الأسرة أو من يمسك بآلة التحكم عن بعد لتغيير القنوات الفضائية"الريموت"ان يغير القنوات الاخبارية او الرسمية التي تتابع الحرب البربرية على الانسان في قطاع غزة، جريح العدوان، وجريح السياسة، وجريح تقاتل الأهل والاخوان على النفوذ، وجريح قائمة طويلة من الآلام والقصص والقرارات والمناوشات والمفاوضات، والأهم الدماء. كان جهاز التحكم عن بعد فتحاً الكترونياً كبيراً، اتهم مخترعوه بالفضاوة، ومستخدموه بالكسل، ثم أضحى مسلمة تجارية صناعية لأي جهاز، أو شركة، ليصبح الآن ثقافة بشرية سواء كان في استخدامه المحسوس المعروف، او استخداماته المعنوية الكثيرة. و"ريموت"التلفزيون في المنزل بات من عناوين قيادة المنزل، وفي سياسات التعاطي معه عبر وفكر، فهو في ساعات الضحى ملك للأم اذا كانت ممن لا ينامونه، او لاطفالها دون سن المدرسة، بحضورها اذا كانت"صاحية"وغيابها اذا كانت"مهبولة"لتترك اطفالاً في هذه السن مع مئات القنوات الفضائية. في الظهيرة وحتى المغرب يصبح التحكم في ايدي الاطفال القادمين من المدرسة، ثم تبدأ المعركة الحقيقية مساء وتبدأ المناورات، ويتضح من هو"سي السيد"الحقيقي، من ذلك المزيّف، فاذا رأيت مسلسلاً تركياً او عربياً على الشاشة، فاعرف ان المدام تمسك بزمام الامور، اما اذا كانت الشاشة كروية، او غنائية، واحياناً اقتصادية، فيمكنك الاطمئنان على مستقبل الرجل العربي، اما اذا كانت الرسوم المتحركة لا تزال هي المسيطرة على الوضع، فاعلم ان هناك رجلاً نقل صلاحياته الفضائية الى الاستراحة، وامرأة تتنقل من سوق الى حفلة او اشياء من هذا القبيل. أخطر ما في الأمر وجود ثلاثة تلفزيونات تعمل في الوقت ذاته في بعض المنازل، فالتلفزيون العام في الصالة تحت سيطرة الاطفال، وتلفزيون الخيمة او الملحق تحت سيطرة"ابو الشباب"، والثالث بالطبع عند ام البنين، وهنا أتحدث عن عائلات من مستويات اقتصادية تسمح بهذا"السيبان"في استخدام الاجهزة والطاقة. في الاستراحات اذا لم يكن صاحبها ممسكاً به، فغالباً يكون الرجل الاكثر"نسونجية"او"كروية"بحسب طبيعة الشلة، وفي الاستراحات ذوات"القطة"يكون عادة في يد الحارس كممثل مستقل لجميع الاتجاهات. وعوداً على بدء، تتحكم اسرائيل من بعد بالامم المتحدة، والولايات المتحدة، واي شيء آخر متحد، ويبدو ان هذا هو سبب عدم اتحاد افكار او مواقف بعض الاخوة العرب داخل فلسطين او خارجها، خشية ان تشغل دولة صهيون"ريموتها"وتبدأ"تقليبهم". كرهناك أيها"الريموت"لانك مفرّق للأسر، ومضاد للحميمية، ثم ازداد كرهنا لك، لاننا هذه الايام مع كل ضغطة تنقلنا الى مشهد دموي آخر، ويبدو ان"شرهتنا"ستتوجه اليك عن قرب، بعد عجزنا عن توجيهها الى من يجب ان توجه له عن بعد أو قرب. [email protected]