يطل علينا شهر رمضان المبارك... شهر الخير والصوم شهر الخيرات والعبادات والطاعات... فترى كيف يستقبله الناس وبماذا يستعدون له؟ أهل السعادة والطاعة، هم أسعد الناس بهذا الشهر الكريم، إذ يترقبون قدومه، فتراهم منشغلين بالطاعات المشروعة والوظائف الثابتة الواردة عن النبي"صلى الله عليه وسلم"فهم في شهر شعبان يُكثرون من الصيام فيه، استعداداً وتشوقاً وتلهفاً لمقدم شهر الخير والبركات والرحمة... شهر الصوم فهم قد فرغوا أنفسهم وخططوا لطاعات ربهم فيه والتقرب إليه... فهنيئاً لهم بقدوم شهر الخير والصوم... وهنيئاً لعباد الرحمن وضيوفه... وهنيئاً لأهل طاعته المستغلين لمواسم الخيرات وأوقات العبادات، وفضائل الأوقات بالطاعات... نسأل الله جل وعلا أن يجعلنا منهم: أتى رمضان مزرعة العباد لتطهير القلوب من الفساد فأدِ حقوقه قولاً وفعلاً وزادك فاتخذه للميعاد فمن زرع الحبوب وما سقاها تأوه نادماً يوم الحصاد وصنف من الناس محرومون مخذولون، غارقون في الشهوات والملذات، تائهون في بحر فتن الشهوات والشبهات، غافلون عن الطاعات، وعبادة الرحمن ومعرفة الديان، فتراهم مشمئزين عابسين متكدرين لمقدم هذا الشهر الفضيل، لأنهم محرومون،وسيضطرون لمسايرة الناس فيه، فيتغير بعض ما ألفوه طوال السنة، فيستعدون له باجتهادهم في اتباع الشهوات والملذات، فمنهم من كان أكبر همه الأكل والشرب، وملء بطنه بشتى صنوف المأكولات والمشروبات. ومنهم من يستعد له بفحص أجهزته الفضائية المسموعة والمرئية، أو بشراء الجديد، ومتابعة الأفلام العربية والغربية عبر القوات الفضائية، وهؤلاء في غفلة، لا يدرون أنهم قد وقعوا في منكرات عظيمة، وآثام جسيمة تضر بدينهم وعقولهم وأرواحهم وأخلاقهم، وأفسدوا جوارحهم، ومنهم من يضيع أوقات الخيرات، ومواسم العبادات وفضائل الأوقات بالتفريط في الواجبات، وجمع حطام الدنيا وزخرفها الفاني، فتراهم منشغلين في أسواقهم، والبحث عن التكسب، فتراهم ليل نهار يهرعون لتحصيلهم الدنيوي والكسب المادي، لا يعرفون للشهر مكانة وحرمة ولا للأوقات فضلاً، ولا للطاعة طريقاً، فهم معرضون عن موسم الخيرات والنفحات، ومعرضون عن الانشغال بشتى صنوف العبادات والطاعات والمشاريع، من المحافظة على الفرائض والواجبات والسنن والمستحبات وفعل الخيرات... وكثيراً ما يجر البُعد عن الله والانغماس في الدنيا البلاء والآثام، خصوصاً أهل الأسواق فيقعون بسبب ذلك في صنوف من المعاصي والمنكرات... والشيطان يربض هنالك ويعشش. ويوجد صنف من الناس يستعدون ويخططون لغزو الأسواق، وجلب شتى الألبسة الغريبة الشاذة، وتتبع الجديد، وكأنهم خلقوا لأجل الإسراف في الملبس والتجمل المذموم في المظهر والتشبه بأعداء الله من المشركين، لا هم ولا شغل إلا تتبع الجديد... وما أدراك ما الجديد؟ بعض الشباب المراهقين يستعدون للتجول في الأسواق والحدائق والفنادق والأماكن العامة، فتتزين الشابات لفتنة الرجال، ويترصد الشبان لتصيد الشابات واستدراجهن وإدخالهم في شراكهم ومصائدهم... فاللهم رحماك رحماك، ونعوذ بالله من الغي والضلال والخذلان وسوء العاقبة والخسران. نسأل الله تعالى أن يبارك لنا في رمضان، وأن يوفقنا لصيامه وقيامه وأداء حقوقه، وأن يلهمنا فعل الطاعات والخيرات، ويجنبنا المعاصي والمنكرات وسوء الأخلاق، إنه ولي ذلك والقادر عليه.