الدوسري الأفضل عربيا    الوشمي: «مؤشر اللغة العربية» يعكس الجهود المستمرة لخدمة اللغة ومكانتها    ترمب: سأصدر مرسوماً لتجميد العمل بقانون حظر «تيك توك»    الفالح: مشاركة السعودية بمنتدى دافوس تنطلق من مكانتها كواحدة من أكبر 20 اقتصاداً    ريال مدريد يقفز لصدارة الدوري الإسباني برباعية في شباك لاس بالماس    تأييد دولي للصفقة.. نتنياهو: عملية التبادل مثيرة للمشاعر    مدينة الأحلام تبهر فناني ومشاهير جوي أوردز    تعليم اللغة العربية بموريشيوس    أمير الرياض يعزي في وفاة المباركي    14 فبراير موعدًا نهائيًا لتعاقدات مكاتب شؤون الحج على الخدمات    رفض مقترحاً كردياً.. وزير الدفاع السوري: لا تكتلات خاصة داخل الجيش    «الإحصاء»: 3.6% ارتفاع بأسعار العقارات    "التجارة": 521 ألف سجل تجاري مُصدر في 2024.. بنسبة نمو 60% مقارنة بالعام السابق    الأمير محمد بن سلمان يعزي ولي العهد بدولة الكويت في وفاة الشيخ عبدالله الأحمد الصباح    العرب والغرب في الرياض لوحدة سوريا ونهضتها    وفد أعضاء مجلس الشورى يبدأ زيارة إلى منطقة الحدود الشمالية    هيئة الأفلام تطلق مبادرة «تمكين السينما الفنية» وتدعم أول أسبوع للسينما الكورية    احذروا ثم احذروا منهم    رغم النزاعات التجارية.. «النقد الدولي» يتوقع نمو اقتصاد العالم 3.3%    سحب تراخيص 31 مكتب استقدام وإيقاف 13 مكتبا    وكالة مكافحة الفساد في كوريا الجنوبية تطلب مثول يون للاستجواب مجدداً    الأمير والبطل    ولي العهد السعودي الأكثر تأثيرا للمرة الرابعة    نائب وزير الخارجية يستقبل سفير المملكة المتحدة لدى المملكة    الحب لا يشيخ    رمزية الأعداد الفردية والتوحيد    أمانة عسير تُصادر 1680 كجم من الأغذية والملابس    بلدية محافظة الأسياح تشارك في مهرجان خصيبة الاجتماعي بنسخته الرابعة    خاص.. حقيقة اهتمام الهلال بالتعاقد مع كايو سيزار    قطاع ومستشفى البرك يُفعّل حملة "شتاء صحي"    النائب العام يتفقد سير العمل في نيابة منطقة جازان ويلتقي بالمراجعين    أمير الرياض يستقبل سفير سلطنة عمان لدى المملكة    مفوض "الأونروا" يشيد بجهود المملكة في حل الدولتين وإنهاء الصراع في غزة    في 56 موقعاً.. الأحوال المدنية تنقل خدماتها للمستفيدين عبر وحداتها المتنقلة    أمير الشرقية يرعى اللقاء السنوي السادس عشر للجهات الأهلية    45 وزيرًا ونخبة من الخبراء يمثلون أكثر من 100 دولة يناقشون "مستقبل العمل"    أمير الشرقية يهنئ الفائزين في معرض سيول الدولي للاختراعات 2024    مستقبل فينيسيوس بين يديه    انخفاض لدرجات الحرارة وفرصة هطول أمطار لعدة مناطق    القوات الخاصة للأمن البيئي تضبط مخالفين لنظام البيئة    5 محدّدات لرُخص الآبار الجديدة في الدرع العربي    «الراجحي» حقق حلم السنوات ال10    «عين السيح».. تأسر عشاق التراث    الاكتئاب المبتسم.. القاتل الصامت    سيتي يضم مرموش ويجدد لهالاند ويفقد ووكر    أكدت على الحقوق الفلسطينية وأشادت بجهود الوسطاء.. المملكة ترحب باتفاق وقف النار في قطاع غزة    السديس: لحظة تاريخية استثنائية.. إطلاق أكبر هيكلة تنظيمية برئاسة الشؤون الدينية في الحرمين    الألمعي تعبر عن شخصية جازان    إيقاف بياناتك على منصات Meta    تفوق الجراحة الروبوتية في عمليات الكبد    خطر منتجات النظافة الشخصية على الصحة    أحزمة مذنبات بأشكال متنوعة    كل أمر حادث هو حالة جديدة    المملكة توزّع مواد إغاثية متنوعة في سوريا    ميزات زر قفل iPhone    رون ولي وماتياس    تأثيرات صحية لاستخدام الباراسيتامول بانتظام    الرئاسة العامة تشارك بورشة عمل بعنوان (رقمنة التوعية في أداء المناسك)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حببة نبي !
نشر في الحياة يوم 19 - 09 - 2008

بينما رسول الله مسترخ في بيته، قد اضطجع ليرتاح، أرهقت كاهله أعباء النبوة، وتبليغ الدعوة، والصدع بالحق المبين، استأذنت امرأة للدخول على رسول الله، فتذكر الرسول استئذان خديجة، فارتاع للصوت لما سمعه، وفزعت مشاعره، واضطربت عواطفه، وحملته الذكرى الجميلة إلى رياض خديجة، فارتاح نفسا بها، وتنفس عبير ماضيها، وصار يردد داعياً بصوت محب وافي:"اللهم هالة".
وأثار ذلك زوجته الحظية عنده عائشة، فتحركت حفيظتها من امرأة ماتت، لما رأت وضع زوجها تغير لاستقبال هالة، وأقبل بوجهه عليها، وارتاح لصوتها، فبدأت الغيرة تتبين من قول عائشة حين قالت: وما تذكر من عجوز حمراء الشدقين، أي: سقطت أسنانها من الكبر، فصارت كليلة عن البيان، حمشاء الساقين، أي: دقيقة العظام، هزيلة القوام، هلكت في الدهر قد أبدلك الله خيراً منها.
ولا يستغرب حصول الغيرة من خيار النساء وفضلياتهن، لأنها من أمور الطباع، وقد اعترفت عائشة بمعاناة الغيرة حين قالت:"فأدركني ما يدرك النساء من الغيرة"وحين تبدو الغيرة بنسبة معقولة، فإنها محمودة تشحذ حرارة المحبة، وتشد أواصر العشرة، لما تهيجه من العتاب المتودد، والحديث العذب:
وقد كان ذاك العتب عن فرط غيرة
وياطيب عتب بالمحبة يشهد
إذا ماتعاتبنا وعدنا إلى الرضى فذلك ود بيننا يتجدد
إلا أنها حين تتجاوز الحد، وتخرج عن الطور، تكون مذمومة، ينكر على صاحبها، وهذا ما أثار حفيظة الحبيب صلى الله عليه وسلم، وندر غضبه، حتى تغير وجه رسول الله لما سمع قول عائشة تغيراً لم تره عائشة على وجهه إلا عند نزول الوحي، أو عند تغير الجو حتى يعلم أرحمة أم عذاب، وقد جعل قولها السابق يتردد في ذاكرته عن امرأة صاحبة فضل وإحسان فارق جسدها وكيانها، ولم تغادر ذكراها مكانها، انقضى زمن محياها، وما انقضت محامدها أو درست سجاياها، فظهر ذلك في وجهه، ثم أطلق لسانه في الثناء عليها، فقال:"إني رزقت حبها".
وفي هذا التعبير وصف حبها بالرزق الذي تنعم به معها، ولم يقل: رزقت حبي، فكأنه هو الذي تشرف بحبها، والقرب منها، إمعاناً في مودتها، والشوق إليها، ثم بدأ في تعداد فضائلها في رسائل نبوية لنساء العالمين كيما يتخذنها قدوة في حسن تبعل المرأة لزوجها حين قال:"ما أبدلني الله خيراً منها، قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرمني أولاد النساء"ما أعظمها من امرأة، قدمت ما بوسعها لإرضاء زوجها، وما أوفاه من رجل حفظ إحسانها فكان يكثر الثناء عليها والاستغفار لها حتى بعد مماتها.
إن هذا يدعوك أن تتأمل القصة الماضية مع قوله تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"ما أجمل المودة والرحمة التي تزكي الصلة بين الجنسين، وتدفع خطاهما، وتحرك نفسيهما بما أودعت من المشاعر والعواطف، ليكونا أكثر قرباً وانسجاماً وائتلافاً، المودة الصادقة سكن للنفس، وراحة للبال، واستقرار للحياة والمعاش، واطمئنان للرجل والمرأة على السواء، تلك المودة لا تشرق من ناحية الجمال فقط مع تأثيرها.
ولكن ثمة اتجاهات أخرى تشع نوراً بهيجاً، وتفوح أريجاً، ها هي خديجة -رضي الله عنها- قد تقدم بها العمر فجاوزت الستين عاماً، والنبي يرفل في سني الشباب والرجولة، لقد زحفت على زوجه آثار الكبر، واستولت على بريق جمالها وحسن صورتها، ولا يزال رباط المحبة قوياً موثقاً، لم يتصدع كيانه، أويتزعزع بنيانه، ذلك أن السعادة والهناء والرضى لا تقاس بمقدار جمال الصورة وحداثة السن فحسب، فهي سرعان ما تذبل وتضمحل، ولكنها تكمن في الإيمان، والعقل، وحسن التبعل، والخلق القويم الذي يسمو بالإنسان إلى أحسن تقويم.
فهل ستفقه النساء ما وجهه إليهن رسول الله من صفات خديجة التي رزق حبها، وهل سيكون الرجل وفياً لتلك المرأة التي تتحلى بصفات فضليات النساء في حياتها بل وبعد مماتها.
* داعية وأكاديمية سعودية.
Nwal_al3eeed @ hotmail.com


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.