نشر موقع (وفاء لحقوق المرأة) دراسة مهمة حول راتب المرأة، وأبانت الدراسة انه من الظواهر المؤسفة في مجتمعنا ازدياد الخلافات الأسرية والزوجية، والتي منها عضل الفتيات، والعنوسة، والطلاق، وحينما نبحث عن أسبابها نجد أن راتب المرأة محور المشكلة في أغلب الأحوال، فما أن تحصل المرأة على الوظيفة حتى تبدأ قائمة الالتزمات والمطالب من قريب أو بعيد، ومنها ما هو واجب عُرفا ومنها ماهو ضغوط اجتماعية تفرض عليها كراتب الخادمة والسائق واحتياجات المنزل وأمور غير مُكلَّفة بها، وإنما هي من واجبات الرجل. وفي عصر تصاعدت فيه الأزمة المالية والاقتصادية، وتراكمت الأعباء الأسرية، وتزايدت التكاليف والنفقات، أصبح الشاب الذي ينوي الزواج يبحث عن موظفة تساعده في بناء الحياة الزوجية، لكن ما هي حقوق المرأة المالية؟ وإلى أي مدى يمكن للزوج التصرف براتب زوجته؟ وما معنى حديث (أنت ومالك لأبيك)؟ أنت ومالك لأبيك عضل الفتيات من المشكلات التي تؤرق الكثير، فكم من ظالم لابنته بداعي الحاجة الى راتبها، فيحرمها حقها في الزواج وإنجاب الذرية، باستدلال (أنت ومالك لأبيك)، وقد قال الشيخ الهنداوي: عند إجابته لاستشارة في ذات الشأن قال: وأما ما أشرتِ إليه من عبارة (أنتَ ومالك لأبيك) هو حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجه أبو داود في السنن، وليس معناه أن الولد أو البنت جميع مالهما ملكٌ للأب، ولكن المعنى أن الولد- بنتاً كانت أم ابنا- إذا كان لديهما مال واحتاج أبوهما إلى هذا المال لينفق على أموره الضرورية فحينئذٍ يتوجب عليهما الاعانة، وليس المعنى أن مال الولد ملك الأب فيفعل فيه ما يشاء وقت ما يشاء، فهذا المعنى غير مراد وليس هو مورد الحديث. إذن فهي واجبة عند الحاجة، بل هي من البر الذي أمرنا الله: (ووصينا الإنسانَ بوالديه إحساناً) وتكررت هذه الوصية في القرآن، فاتباعها أولى، فالمال تُمحق بركته إذا بخلنا به على أقرب رحم. ويمكن للأب أن يتفق مع ابنته برضاها عند زواجها أن تستقطع له كل شهر من راتبها وفاء له ولأهلها وحبذا أن يكون ذلك بعلم الزوج حتى لا يتحامل على أهلها، وإن كان لها حرية التصرف فيه، لكن تذكر هذا من باب درء المشكلات مع الزوج واطمئنانا للأب. راتب المتزوجة عند الحديث عن راتب الزوجة سنجد الكثير من النساء يتنازلن لأزواجهن من باب العرف والتآزر والتعاون، لأنه محتاج له ولن يقصد استغلاله، فالحياة الزوجية شراكة بين الرجل والمرأة ولا حرج من ذلك، بل إن هذا من المحبة والمودة والرحمة، وتقدير الحال، وعلى الزوج أن يعترف بوفائها، وكرمها؛ فيكون كريماً معها مثلما بذلت معه. الوفاء للزوجة الأزمة المالية من الأمور التي تجعل الزوج يلجأ لزوجته، والبعض تجبره الظروف المعيشية على الأخذ والاستعانة بمال الزوجة، والملاحظ أن الزوجات لا يبالين بما بذلن من راتبهن ما دام الزوج كريماً ووفياً معهن، وليس من حسن العشرة أن يأخذ المال ليتزوج عليها فيتسبب في حزنها وقهرها بعدم أمانته في مالها، ولقد شهدنا مثل هذه الحالات للأسف، وديننا يدعو للوفاء والإخلاص، وعدم استغلال طيبة المرأة، وها هو الرسول عليه الصلاة والسلام لم يتزوج على خديجة رضي الله عنها عندما واسته بمالها، وكان إذا ذكر خديجة أثنى عليها؛ فأحسن الثناء فغارت عائشة يوماً منها، فقال: (ما أبدلني الله خيراً منها، قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله أولادها إذ حرمني أولاد النساء)، فيجب ألا يستهين أحد بشكوى النساء، فلقد سمع الله شكوى المرأة من فوق سبع سموات حتى تقول عائشة: (تبارك الذي وسع سمعه كل شيء إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة، ويخفى علي بعضه، وهي تشتكى زوجها إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهي تقول يا رسول الله أكل شبابي ونثرت له بطني حتى إذا كبرت سني وانقطع له ولدي، ظاهر منى اللهم إني أشكو إليك) قالت عائشة: فما برحت حتى نزل جبريل عليه السلام بهؤلاء الآيات {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها} وزوجها هو أوس بن الصامت. فلقد اشتكت إلى الله، ولم تشتك لغيره واحتكمت إلى رسول الله- عليه الصلاة والسلام- وياله من عدل! حتى نزلت سورة كاملة باسم مجادلتها، فليس من الأمر الهين ظلم المرأة الذي يتجرأ به البعض ممن لا يملك قلبا، وبعد زمن من هذه الحادثة لقيها عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: هذه امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سماوات.