نعم ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل... لا يوجد على ظهر هذه البسيطة بشر تتحقق لهم جميع رغباتهم بسهولة ودون معوقات، ولدوا وعاشوا مسيرين ومخيرين وطريق الخير بيّن وتعرف مداخله وطريق الشر كذلك، فرب الأسرة يأمل أن يسلك جميع أفراد أسرته الطريق المستقيم الذي يوصلهم إلى الرفعة والسعادة برضا الخالق عنهم وعن أعمالهم في دنياهم وآخرتهم، وترى كل فرد منهم يسير في حياته بحسب مقومات الحياة والظروف المعيشية التي خلقت معه، ولا بد أن يتعرض للمنغصات خلال مراحل حياته، بحسب أحواله الاجتماعية ومداركه الفكرية، وكلما تعرض الإنسان لمعضلة في مسيرة حياته فإنه يتجاوزها بالصبر والأمل، يطردان شبح اليأس والاحباط، وعندما يتحلى بهما المؤمن فإنهما له وِجَاءٌ من الوقوع في الانهيار أو الانتحار لا قدر الله، قال الله تعالى"فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا"، والشاعر يقول: ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج كذلك بالنسبة للشعوب، فكل فرد يحمل هم أمته ووطنه، يفرح عندما تكون أمته تسير في الاتجاه الصحيح وتتقدم بخطى واثقة على الطريق المستقيم، ويحزن إذا كان الوضع غير ذلك، ولكن يجب ألا ييأس وأن يتحلى بالصبر والإيمان بالله والأمل بأن يغير الله من حال إلى حال، فالأمة العربية في جميع الأوطان العربية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وهي تتوق أن تتوحد شعوبها في وطن واحد تحت لواء واحد، لأن في الاتحاد قوة وحرز مكين يصد طمع الطامعين، ولم تتحقق رغبة الشعوب العربية، فكلما تقدمت خطوة نحو الوحدة أبعدها الاستعمار خطوات، ولكي يحول دون التقاء المشرق العربي بالمغرب العربي زرع بينهم دولة اسرائيل التي احتلت أرض فلسطين وقتلت وشردت شعبها، وعندما هبت الجويش العربية لتحرير فلسطين لم تنجح في مسعاها، ولكن لم تيأس ولم تقطع الأمل في انتظار أن يعلو الحق على الباطل وتتمكن القيادات العربية المخلصة لأمتها المتمسكة بدينها من تسلم دفة القيادة وتقف بكل شجاعة أمام عدوها وعدو المسلمين، وتقول للعدو أنت عدونا وتحذر منه، وتقول للصديق أنت من يحق أن نصادقه. ولا تستكين أو تنحني أمام العاصفة. بل يجب أن نعرف عدونا ونعاديه ونحذر منه ولا نصادقه، لان مصادقته لن تجنبنا عداوته بل ستجعله يتمكن منا ويخضعنا لمآربه، إن عدونا لا يريد لنا أن نستقل بقراراتنا ولا أن نحافظ على عقيدتنا، وترهبه كلمة"الإسلام"لذلك استحدثوا في قاموسهم كلمة الخوف من الإسلام"سالمو فوبيا"، وعندما تقبل أية دولة إسلامية أن تتحالف معهم وتسير في فلكهم فإنها معرضة لأن تلجأ لتهميش الإسلام وتعتمد العلمانية مبدأً لسياستها كي تكسب رضاهم ولن يرضيهم كل ذلك، كما قال تعالى:"ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم"، وخير مثال على ذلك الجمهورية التركية عندما هزمت في الحرب العالمية الثانية وأراد قائدهم"أتاتورك"أن ينضم إلى الحلفاء اضطر أن يعتمد العلمانية سياسة لدولته بدلاً من الإسلامية، وحتى حروفهم العربية ألغيت واعتمدوا اللاتينية بدلاً منها، وكتب في دستورها أن تبتعد الأحزاب الإسلامية عن المراكز القيادية، وأن تسند فقط للعلمانيين، ومع ذلك لم يقبل بهم الاتحاد الاوروبي في الانضمام إلى عضويته وظلوا يتحججون بحجج واهية إلى أن قالها لهم بصراحة الرئيس الفرنسي"ساركوزي":"إنكم مسلمون". نعم"ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم، قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير"سورة البقرة - الآية 120. ? الرياض [email protected]