أجرت إحدى الصحف المصرية الخاصة هذا الاسبوع تحقيقاً مطولاً عن المملكة، بدأته بعبارة أعتقد أنها تلخص الوضع الحالي للمملكة ونظرة الآخر لها، فقد بدأت الصحيفة تحقيقها بنصيحة تشير إلى ضرورة توجه كل راغب في معرفة الرأي العام العربي الآن لدراسة الشارع السعودي، وما ينتج عنه من حراك ثقافي واجتماعي وسياسي... وحينما تأتي هذه النصيحة من صحافة مثل الصحافة المصرية فلابد أن يتم التوقف عندها، فصدور مثل هذا القول عن صحيفة عرف عنها، وعن توجهها وعن توجه رئيس تحريرها، انسلاخها وتنصلها من كل ما هو عربي وكأنه ذنب يدعون الله ليل نهار أن يغفره لهم، وانحيازها التام أمام كل ما هو محلي، وتكريس وتضخيم هذا المفهوم حتى ولو كان ذلك على حساب شعوب أو ثقافات عربية أخرى في المنطقة، يعد كسراً لحاجز ظل قائماً لسنوات طويلة في الشقيقة مصر، تفوقت فيه الصحافة المصرية على نظيراتها في باقي الدول العربية، ونجحت في فترة زمنية معينة في صناعة تاريخ من الانتصارات كانت على أرض الواقع عكس ذلك، وإن كنت هنا لا أود الخوض في مثل هذه الإشكالية التي ستقودنا حتماً إلى تفرعات غير مجدية. ما أود أن أشير إليه هو أن هذا التحقيق، وعلى رغم تأخره إلا أنه كشف عن حال جديدة سائدة ليس في مصر وحدها بل في الدول العربية والإسلامية كافة، يشعر فيها المواطن العربي على اختلاف توجهه وثقافته وانتماءاته المتعددة أن المثقف والإعلامي والسياسي والاقتصادي السعودي هو قائد هذه المرحلة، وأنه صانع القرار العربي الآن، وهو شعور - على رغم محاولات جلد الذات لدى بعض الإعلاميين لدينا - يعبر وبكثير من الوضوح والشفافية عن نجاح الحراك السياسي السعودي، ودعم هذا الحراك بكتيبة إعلامية يشهد لها بالكفاءة والمهنية العالية والاحترافية في أداء رسالتها. لقد دأب بعض الزملاء الإعلاميين، خصوصاً في الفترة الأخيرة، على الإيحاء بأن ثمة كثيراً من العقبات تواجه أداء الصحافي السعودي، وحاول كثير من الجهات الخارجية العزف على هذا الوتر والتلاعب به لحساب أجندات معينة، هدفها الأول والأخير هو التقليل من أي نجاح سعودي، والاجتهاد بقصد تشويه الحقائق لتغييب هذه النجاحات السعودية، وقد تناسى هؤلاء في مجمل الوضع أن الصحافة السعودية الآن، بل الإعلام السعودي بتفرعاته كافة هو المدرسة النموذجية لما يجب أن يكون عليه الإعلام الناجح والمدروس في منطقتنا العربية، وما ينطبق على الإعلام ينطبق بالتشابه على المجالات الحياتية الأخرى كافة، سواءً منها الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية، فقط ينقصنا النظر من خارج الدائرة والابتعاد قليلاً عن الصورة السعودية العامة من الداخل، والنظر إليها من الخارج، والحديث عنها مع متخصصين أو باحثين أو حتى أشخاص عاديين من خارج المملكة، شريطة ألا تكون هناك نقاط تماس مشتركة تتعلق بمصلحة أو فائدة قد تؤثر على صاحب الرأي أو القول وتجعله أسير المجاملة أو الانحياز. إنني هنا مازلت أذكر رأي نقيب الصحافيين المصريين السابق، رئيس تحرير مجلة"آخر ساعة"الصحافي جلال عيسى، وكانت تربطني به علاقة صداقة قوية حينما كنت أزوره في مكتبه بمبنى الأخبار القاهرية العتيق، فقد كان دائماً يقول لي إن السعودية دولة رائدة بالفطرة، وإنها تختصر كثيراً من الخطوات على مبديعها، ولم يكن يخفي إعجابه ببعض الشخصيات لدينا، كالأمير سلمان بن عبدالعزيز الذي كان دائماً ما يمازحني بقوله إن شعبية الأمير سلمان لدى الإعلاميين المصريين تفوق وبمراحل شعبية كثير من المسؤولين المصريين لديهم. [email protected]