طالب اقتصاديون الحكومة بإعلان حجم الدعم الذي تقدمه إلى السلع لزيادة توعية المواطنين بضرورة ترشيد الاستهلاك، مشيرين إلى أن هذا الدعم مهم جداً في الوقت الحالي، على رغم أنه يستقطع من مشاريع التنمية الوطنية، موضحين أن"إشباع البطون الجائعة لها الأولوية على بعض المشاريع". وقالوا انه من الخطأ الانجرار خلف المطالبين برفع الدعم الحكومي عن السلع الرئيسية والخدمات، بحجة أن هذا الدعم يؤثر سلباً في موازنات الدولة، أو أنه يعد نوعاً من أنواع التدخل في الاقتصاد الحر المبني على قوى العرض والطلب، وهو ما ترفضه منظمات دولية، وبشكل خاص"صندوق النقد الدولي"، وأوضح الأستاذ المساعد في قسم الإدارة والتسويق في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور عبدالوهاب القحطاني، أن صندوق النقد الدولي هو سبب المشكلات في العالم بما فيها الولاياتالمتحدة التي تسيطر عليه بحصتها التي تصل إلى 18 في المئة، وقال إن تدخلاتهم لا تخدم الدول النامية أبداً، مشيراً إلى أن مجموعة من المسؤولين في وزارة المالية ومؤسسة النقد العربي السعودية لديهم فكر مشابه له. وأضاف أن الحديث يجب أن يكون حول دعم الدولة الاقتصادي للمواطن، وليس الدعم الاقتصادي للمصنع، أو المنتج، والمطلوب هو دعم السلع الأساسية للمستهلك النهائي، وهذا الذي نطالب به، على اعتبار أن الحكومة جزء لا يتجزأ من عملية التضخم ولا بد من أن تدفع الفاتورة، وأضاف:"أنا من مؤيدي الدعم، وإعادة هيكلة الرواتب، لأن التضخم لم يصب السلع فقط، وإنما أيضاً أمور أخرى مثل العقارات، والإيجارات، والخدمات". وأكد أنه أيضاً مع"الدعم الموجه الذي يستهدف الفقراء وذوي الدخل المحدود بشكل مباشر بأي طريقة كانت". من جانبه، قال الاقتصادي نظير العبدالله أن الحديث عن دعم الحكومة للسلع وبعض الخدمات ليس بالأمر الجديد، وإنما هو سياسة عالمية تلجأ إليها جميع دول العالم، مشيراً إلى أن المملكة تقوم بدعم عشرات السلع، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وكان آخرها التخفيضات الجمركية عن 180 سلعة. وأضاف أن أزمة التضخم غير المسبوقة التي تمر بها البلاد تجعل من واجب الحكومة التدخل للمساهمة في حلها، ومساعدة المتضررين منها، مضيفاً أن مبدأ التدخل والمساعدة لا أحد يستطيع إنكارهما أو رفضهما، وقال:"الدول الغربية استنفرت قبل فترة بسيطة بحكوماتها وبخزائنها وأموالها لإنقاذ أسواقها المالية التي شارف بعضها على الانهيار بسبب أزمة الرهن العقاري الأميركي التي عصفت بها، وقامت بضخ بلايين الدولارات في الأسواق، لتسترد بعض عافيتها، وهذا صورة من صور الدعم الذي تقدمه الحكومات لمواطنيها، وحمايتهم من الأزمات التي يتعرضون لها". وقال إن من ينادي برفع الدعم هم الأغنياء ولا يوجد فقير واحد يحمل هذا الرأي، مشيراً إلى أن"المطالبة برفع الدعم الحكومي فيه تجاهل صارخ لحال المواطنين، لا سيما الفقراء وذوي الدخل المحدود الذين يشق عليهم الحصول على لقمة العيش، أو أصبح ارتفاع الأسعار يحرمهم من لذة العيش، وتوفير أبسط أساسيات الحياة الكريمة لأسرهم". وأشار إلى أن حجم الدعم الذي تقدمه الدولة للسلع والخدمات غير معروف للكثيرين، كما انه يصعب الحصول على أرقام محددة، وقال إن قيام الوزارات المعنية في المالية والتجارة والتخطيط بنشر أرقام لتوعية المواطنين إلى الحجم الذي يستقطع من موازنة الدولة للدعم من شأنه توعيتهم بضرورة الترشيد، وتغيير السلوك للاستهلاكي السيئ لبعض السلع الأساسية، وأضاف أن الدعم الأخير للرز يكلف الدولة نحو 500 مليون دولار سنوياً يضاف إلى الدعم الذي كانت تقدمه في السابق، كما ان الحكومة تضخ نحو 4.9 بليون ريال لإعانة استيراد سلعة الشعير التي أعلنت الدولة رسمياً عن التوجه لدعمها بقيمة 700 ريال 186.6 دولار للطن الواحد في سوق توقعت فيها مصادر عاملة أن تستهلك بين 6.5 إلى سبعة ملايين طن من الشعير سنوياً. يستفيد من هذا الدعم الجميع مربو ومسمنو الماشية والمربون. من جابه، قال المحلل المالي أحمد العبدالله إن الحديث عن الدعم الحكومي للسلع وبعض الخدمات يسبقه الحديث عن الأسباب التي تدفع إلى وجود هذا الدعم، وقال:"السبب هو ارتفاع الأسعار، والهدف هو التخفيف من آثارها السلبية في المواطنين لا سيما محدودي الدخل منهم". وأوضح أن السبيل للوصول إلى نتائج ملموسة للحد من التضخم مجموعة من الأمور، وليس من بينها إلغاء الدعم الذي تقدمه الحكومة، وقال:"من المهم معرفة أن المملكة تتبع سياسة السوق المفتوحة والاقتصاد الحر الخاضع لعوامل العرض والطلب، وهي تعتمد بشكل أساسي على استيراد معظم المواد الاستهلاكية الأساسية من الخارج لسد حاجات مواطنيها والى جانب ذلك فإنها تحرص على تطبيق سياسة الدعم الحكومي كأحد أولوياتها الرئيسية لبعض السلع الأساسية وعلى رأسها الطحين واللحوم والدجاج لما لذلك من أبعاد اجتماعية في حياة المواطنين والمقيمين، والأمر الآخر أن ارتفاع الأسعار ليس محلية، وإنما هو ظاهرة عالمية تكتوي بنيرانها غالبية شعوب العالم حتى في الدول المتقدمة". مؤكداً أنه على رغم الارتفاع الملحوظ في الأسعار بصفة عامة إلا أن ما تقدمه الحكومة من دعم للسلع التموينية"يجعل من الأسعار الأقل مقارنة بدول المنطقة. كما تحرص حكومة من خلال الدعم على توفير جميع السلع الغذائية في الأسواق والحفاظ على مخزون مناسب منها". وأشار إلى أنه إلى جانب الدعم يجب"بذل جهود رقابية تكفل حصول المواطنين على السلع وبأسعار مناسبة واتخاذ التدابير اللازمة لضمان الحفاظ على أسعارها المدعومة". وقال إنه مع استمرار سياسة الدعم الحكومي"إلى جانب البحث عن البدائل الأنسب التي تضمن استحقاق المواطنين للدعم بشكل عملي ومفيد عما هو متبع الآن، وإيجاد آليات جديدة أفضل تضمن وصول الدعم لمستحقيه".