أظهرت بيانات رسمية تراجع نمو المعروض النقدي السنوي في السعودية إلى 23.04 في المئة في شهر آذار مارس الماضي، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى قمة في 14 عاماً في الشهر السابق، مع نمو الاستثمارات في الودائع لأجل وودائع الادخار بسرعة أقل، وهو ما اعتبره اقتصاديون عاملاً للحد من التضخم، مؤكدين أن استمرار نمو المعروض النقدي يضر بالاستثمارات.. وذكرت وكالة"رويترز" أمس، نقلاً عن بيانات رسمية أن الاستثمارات في الودائع لأجل والودائع الادخارية ارتفعت بنسبة 23.1 في المئة في مارس مقارنة بزيادة بنسبة 26.9 في المئة في الشهر السابق، وزادت الاستثمارات في الإيداعات تحت الطلب بنسبة 31.7 في المئة إلى 339.31 بليون ريال، ارتفاعاً من نمو بنسبة 30.5 في المئة في شباط فبراير. وذكر البيان أن مؤسسة النقد العربي السعودي ساما تحاول كبح نمو المعروض النقدي في أكبر مصدر للنفط في العالم، في حين تكافح التضخم الذي بلغ أعلى قمة في 27 عاماً. وزادت"ساما"متطلبات الاحتياطي المصرفي ثلاث مرات منذ تشرين الثاني نوفمبر إلى 12 في المئة من 7 في المئة، ما أرغم المصارف على إبقاء المزيد من الأموال في خزائنها حتى مع تشجيع أسعار الفائدة المتراجعة للناس والشركات على زيادة الاقتراض. وأكد أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور أسامة فيلاني ل"الحياة"أن عملية تقليل وخفض المعروض النقدي نوع من أنواع محاربة التضخم في البلاد التي تعاني منه. ولفت إلى أن مؤسسة النقد السعودي عملت على تقليل هذا المعروض، واستدرك بالقول:"ولكن لدينا مشكلة أخرى أن زيادة أسعار النفط تسهم في دخول كميات كبير من السيولة النقدية في السعودية، ما يوجب اتخاذ بعض القرارات لمحاربة التضخم بجانب تقليل المعروض النقدي، والتحكم في كمية النقود في البلاد، وسعر الفائدة، وعمليات السوق المفتوحة". وحول التأثيرات أكد فيلالي أن سحب كمية كبيرة من السيولة يؤدي تأثير ايجابي في محاربة التضخم. من جانبه، حذّر الخبير الاقتصادي الدكتور محمد شمس من الثأتيرات السلبية لخفض معدلات المعروض النقدي في السعودية، وقال ل"الحياة":"لا بد من أن يصاحب عملية الانخفاض في معدل الاحتياطي الإلزامي تراجع آليات أخرى، مثل وضع سقف معين لأسعار السلع والخدمات الاستهلاكية والضرورية، وهذا السقف السعري يتطلب مراقبة، خصوصاً أن وجوده يسهم في نشوء السوق السوداء في البلاد". وأكد شمس أن الاستمرار في انخفاض المعروض النقدي يسهم في خفض معدلات الاستثمار في البلاد، ما يؤدي على المدى البعيد في وجود ركود اقتصادي، وقال:"إن الانخفاض في المعروض النقدي يعمل على تراجع معدلات التضخم، لا سيما أنه يقلل من معدلات الطلب على السلع والخدمات، ما يؤدي إلى تقليل معدلات الاستثمار، وبالتالي ركود اقتصادي على المدي البعيد". وأضاف:"كما يسهم انخفاض المعروض النقدي بارتفاع معدلات الفائدة في المصارف، وهذا يضر بالاستثمارات داخل البلاد ويحد منها".