قصص المدخنين هي قصص ذات شجون! فمنهم من يقص لك قصة أول سيجارة له، ومنهم من يقص لك قصّة آخر سيجارة له! وبين السيجارة الأولى والأخيرة، قصص كثيرة لا تخلو من النكد والمآسي والأمراض والحرائق والخسائر المادية والمعنوية. في هذا الجزء، سأسلّط الضوء أيضاً على المسؤولية الرسمية التي من المفروض أن تتواجد لمساعدة المدخنين وضحاياهم من الأبرياء للتوقف عن هذه العادة النتنة، وإعطاء البيئة حقّها بأن تكون بيئة نظيفة ومناسبة لتكون مأهولة بالبشر، بل وبغير البشر. في أوروبا وأميركا، قد لا يضبطون أحداً لطول شعر رأسه، أو حتى في خلوة غير شرعية، بقدر ما يضبطونه ويهزئونه ويخالفونه، وأحياناً يسجنونه إذا ما تجرأ وأشعل سيجارة في مكان ممنوع فيه التدخين، وأنا لا أبرر الخلوة غير الشرعية"يعني من لديه كلام في هذا الموضوع أنصحه بتوفيره"، ولكنني أوضّح مدى كبر جريمة التدخين في الأماكن غير المخصصة عند هذه الشعوب! بينما نحن هنا، لا نرى أياً من الأجهزة الضبطية والرقابية يسحبون أحداً من مخالفي نظام التدخين إلى"جيمس"الهيئة أو"جيب"الدورية بسبب احتقاره لمشاعر وصحة باقي بني البشر! بل وترى بيّاع دكّان الحي، يبيع طفلاً بالعاشرة من عمره، علبة دخّان، بل وقد يشعل له سيجارة في فمه على البيعة! أتعرفون لماذا يفعل البياع هذا الجرم الذي قد يزجه بالسجن ويغلق محله في أوروبا وأميركا؟! لأنه"محد حوله"! البلوى الأكبر، أنه عندما تزيد أسعار التبغ في أوروبا وأميركا والدول الأخرى التي تمثل معاقل تجارة وصناعة التبغ العالمية، لا تزيد الأسعار عندنا بالطريقة نفسها"هذا في حالة إن زادت أصلاً!"، والسبب، أن أمانة دول مجلس التعاون، رفضت قبل مدة مشروع زيادة أسعار التبغ في الأسواق الخليجية! ويعزون السبب إلى أن هذا قد يفتح باب التهريب على مصراعيه! حيث إنه الآن مفتوح على مصراع واحد فقط، ولا يريدون المصراع الثاني أن يُفتح! مدخننا المؤمن الحبوب، أنت تريد أن تموت؟!.. طيّب، لا بأس، موتاً هنيئاً لك ولعائلتك! ولكن أود أن أضيف لسجلك في الآخرة وأقيم عليك الحُجّة بأن أخبرك بأن بعض الدول الفقيرة مثل البرازيل وباكستان وأندونيسيا وكينيا وزيمبابوي، تقوم بإحراق الأخشاب بعد قطع الأشجار الكبيرة من الغابات لتجفيف التبغ النتن، مما يؤدي إلى حرق سبعة ملايين هكتار من الغابات سنوياً! وهي كارثة اقتصادية وبيئية وصحية بكل المقاييس! ونراك مدخننا الحبيب، تجلس في صلاتك مناجياً ربك على سجادة الصلاة، تطلبه الرزق والتوفيق"وأحياناً الصحة!"وأنت من جهة أخرى تُفسد في الأرض بمساعدتك بقطع الحرث والنسل، ونشر الجفاف وإفساد البيئة وطبقة الأوزون! وترى أنك تمثل مجرد قطرة في بحر، وتنسى أنه لولا قطرتك وقطرة غيرك، لما وجد هذا البحر النتن من الدخان ولما رأيناك وضحاياك تتساقطون موتى ومرضى بسبب أنواع السرطانات التي تسمون بها أبدانكم وأبداننا! كن شجاعاً، وقم الآن بإلقاء علبة سجائرك في القمامة، واحفظ صحتك ومالك وسمعتك ومظهرك، واستحِ من الله. [email protected]