فيما تواصل وزارة الصحة حملتها لمكافحة التدخين، عبر مواجهة مصنّعي التبغ ومورديه إلى الأسواق المحلية، كسرت السجائر الكوبية احتكار السجائر العادية، وحلت في الآونة الأخيرة، ضيفاً جديداً لتغازل شفاه ستة ملايين مدخن سعودي، يحرق الواحد منهم نحو 2130 سيجارة سنوياً، وهو ما أجبر بعض محال"السوبر ماركت"الكبيرة، والمعسل والدخان، والفنادق ذات النجوم الخمسة، و"الكوفي شوب"، على تخصيص دواليب ورفوف فاخرة، تناسب السجائر الكوبية ذات الأسعار المرتفعة، التي باتت تلقى رواجاً بين الشبان السعوديين، ليجدوا فيها"مزاجاً مختلفاً"، أو"متعةً وفضولاً"، أو"مظهراً مميزاً". وبسبب ستة ملايين سعودي مدخن، بينهم 600 ألف امرأة، تذهب خمسة بلايين ريال كل عام، إلى جيوب أصحاب مصانع السجائر، الذين يعدون السعودية"مصدر كنز كبير"لهم، بخاصة أنها تُعد رابع دولة استيراداً للسجائر في العالم. وتثقل كاهل السعودية ب40 طناً من السجائر، إذ يحرق السعوديون سنوياً ما يربو على 15 بليون سيجارة، طبقاً لدراسة أعدتها"منظمة الصحة العالمية". وفي المقابل تخسر وزارة الصحة السعودية من 10 إلى 15 في المئة من موازنتها العامة بسبب برامج علاج المرضى المدخنين، بحسب المشرف العام على برنامج مكافحة التدخين في وزارة الصحة الدكتور عبدالله البداح. ولا يبدو عشاق السجائر الكوبية آبهين بمخاطر التدخين، وتحذيرات وزارة الصحة من الأمراض المتعددة التي يسببها، وتبدأ بالسعال وتنتهي بالسرطان. ففي أحد مقاهي مدينة الخبر، اجتمع ثلاثة شبان، يتوسطهم الجامعي طلال الشهري، الذي تحدث، بعد أن أراح السيجارة الكوبية فوق المنفضة، فيما دخانها يملأ المكان"كنت أرى أثناء صغري السجائر الكوبية بين أيادي الممثلين في الأفلام الغربية فقط، لكنني لم أتوقع انتشارها وتوافرها في السعودية، وبمختلف الأصناف والأسعار والمذاقات". وشاهد طلال في أحد محال"السوبر ماركت"، وسط الخبر، دولاباً أنيقاً، صُفت في داخله العديد من أنواع السجائر الكوبية، موضحاً"كانت بداية تعرفي على"الكوبية"من هذا المحل". إلا أن أصدقاءه يسخرون منه، حين يرونه يتصنع الإمساك بالسيجارة كممثلي رعاة البقر الأميركيين، حينما تتدلى بين شفاههم بغرور وتكبر. ولا يميل في إشعال سيجارته بواسطة القداحات الحديثة، بل يستعمل الكبريت"فهو يضفي مزاجاً آخر إلى مزاج السيجارة المختلف". لا يرتشف الشبان السجائر الكوبية يومياً، ف?"أبو سارة"يمج أنفاساً من سيجارته بلذة ومتعة، ويقول:"أشرب هذه السجائر بحسب المزاج". ومن ثم يعود لمتابعة سحب أنفاس أخرى من السيجارة الطويلة، التي تُدعى"سيجارلوس"، ذات الدخان الكثيف، وهي تتكسر في الفضاء، كاشفاً أنه تعرف على تلك السجائر"من كثرة أسفاري إلى الخارج"، معتبراً أن تدخينها"يضيف مظهراً مميزاً لشخصيتي". ووصف بعض الشبان استعمال السجائر الكوبية بأنه"فضول شخصي فقط"، إلا أن هناك قصصاً ترسخت في أذهان بعضهم، كقصة"لف السجائر على الأفخاذ"، أو أن المناضلين ك?"تشي غيفارا"لا يدخنون إلا السجائر الكوبية الفاخرة، وهو حديث تداوله أربعة شبان يجلسون كل ليلة في شقة قريبة من كورنيش الدمام، استبدل بعضهم السجائر العادية بالكوبية. ويوضح هلال زين، وهو أحد بائعي السجائر الكوبية في سوبر ماركت في الخبر، أن"أسعار السجائر تتفاوت بحسب الجودة ومكان الصنع"، مضيفاً"هناك الرخيص جداً، الذي يصل سعره إلى 50 ريالاً، بينما هناك سجائر تُباع بآلاف الريالات، وإذا أضيف لها اكسسواراتها الفخمة كالمقص والعلبة وغيرها، فستتضاعف أسعارها". وتوقعت دراسة أعدتها إحدى الشركات المتخصصة في توزيع السيجار الكوبي، أن"العام 2007، سيشهد تضاعفاً في نسبة نمو مبيعات السيجار في منطقة الخليج العربي، التي تستهلك وحدها ما يزيد على 40 مليون سيجار كوبي سنوياً"، موضحة أن"نسبة نمو الاستهلاك خلال العام 2005، كانت 20 في المئة". واعتبرت الدراسة، أن دول المنطقة"من أسرع الأسواق نمواً في استهلاك السيجار الكوبي الملفوف يدوياً، إذ يُباع منه في أسواق المنطقة المختلفة ما تربو قيمته على عشرة ملايين دولار أميركي، وتستأثر الأسواق الحرة بما يقارب 60 في المئة منها، فيما يذهب الباقي إلى محال بيع التبغ الفاخر المختلفة". وتعد سجائر"روميو وجولييت"و"براغاس"الأكثر شعبية في المنطقة، فيما تُعد سجائر"روبوست"التي يبلغ طولها 144 ملم، الأكثر مبيعاً فيها. ويمارس عادة التدخين بأنواعه المختلفة في العالم نحو 1.3 بليون مدخن ومدخنة، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 1.7 بليون، بحلول العام 2025.