يحتفل العالم اليوم «الثلثاء» باليوم العالمي لمكافحة التدخين الذي يوافق 31 أيار (مايو) 2016 من كل عام، على مسرح أبطاله وزراء الصحة العرب وخصومهم المدخنين والتجار، الأولى تحشد بيانات وإحصاءات عن أضراره، فيما يقابلها الطرف الآخر بزيادة في التعنت ومواصلة التدخين متحدياً جميع الإحصاءات التي أظهرت وفاة 6 ملايين شخص سنوياً، منهم 600 ألف من غير المدخنين ممّن يقضون نحبهم من جراء التعرض لدخان التبغ غير المباشر. يستذكر الجيل القديم كيف كان الشاب يطفئ سيجارته خجلاً من والده على اعتبار أن التدخين عيب أو منكر، ويمطر الغرفة برشات من العطور للقضاء على رائحة الدخان، وربما ينال قسطاً من العقاب والتوبيخ في حال وصلت معلومات من أي طرف تلمح لتورطه بتدخين سيجارة، فيما كان جريمة كبرى في حال ضبطت فتاة تدخن فهي ضربة قاسمة في أخلاقها وسمعتها. في حين أن الأطفال وبخاصة في الأرياف ربما يقلدون تدخين الكبار بحشو أوراق ملفوفة من الورق بالحشائش اليابسة وإشعالها والتنعم بسمومها، تقليداً لما شاهدوه من كهول يلفون سجائر التمباك الناتج من جني نبات الدخان التي يشاع أنها أقل ضرراً من الدخان المعلب لخلوها من المواد المضافة والخلطات المصنعة. تناقضات كثيرة مازال يعيشها مجتمعنا مع المدخنين، منها أن مدرساً شرساً في التهام السجائر يسرد لطلابه محاضرات عن أضرار التدخين وأخطاره وتسببه في أمراض قاتله، مثل السرطان أو أمراض القلب والرئة، أو والد يستهلك يومياً علبتين أو ثلاث علب سجائر وفي الوقت ذاته يمنع أولاده من التدخين ويحذر زملاءه من مخاطره. شبان مدينة الرياض تربطهم ربما مع النرجيلة (الشيشة)، ذكريات أقوى من السيجارة، إذ «الثمامة» بمقاهيها وجلساتها تحت النجوم ورائحة المعسل، (اسكندراني علكة، تفاح مصري، علكة مستكة، تفاح، برتقال بالقشطة، كاكاو، برتقال، وكولا، كبتشينو، باونتي. مشمش، تفاح، كيوي نعنع مواردي كيوي ليمون) تثير فيهم شغف الاستمرار بالتشيش والتدخين. أصبحت «الثمامة» وجهة كثير من الشبان ساعات المساء أو نهاية الأسبوع، وبخاصة أن التدخين ممنوع داخل المدينة ويغرم من يثبت استخدامه حتى لو كان يسترخي في حديقة عامة. وفي الوقت نفسه نجد أن أسعار السجائر الباهظة، والسرطانات وأمراض القلب لم تثن المدخنين عن التوقف، فربما جرعات السجائر توصلهم إلى شاطئ الإدمان الجميل من وجهة نظرهم، حين يكون اتخاذ القرار أو التخلص من لحظة غضب أو الولوج في لحظات متعة واسترخاء بحاجة إلى سيجارة. يذكر أن وباء التبغ سيحصد أرواح 8 ملايين شخص سنوياً بحلول عام 2030، منهم 80 في المئة من سكان البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.