كثيراً ما نكتب عن إعطاء المرأة فرصة العمل وفرصة المشاركة، ولكن ما نكتبه شيء، والحاجز الثقافي والموروث الشعبي لا يزالان يقفان ضد ما نريده للمرأة من تطور وتقدم، لكي تكون المرأة بحق نصف المجتمع،"هذا النصف شبه المعطل"، ولم يقتصر ذلك على المجتمع فحسب، وإنما بعض الجهات الرسمية تتوافق مع ثقافة المجتمع بالنسبة للمرأة، فأخيراً توقف مشروع توظيف السعوديات في مجال الملابس النسائية، كما صدر أخيراً قرار من وزارة التجارة ترفض فيه حجز مقعدين للسيدات في انتخابات الغرفة التجارية والصناعية في الرياض، صحيح أن هذه مواقف عارضة، لكن ما يحدث يومياً في حياتنا إلى جانب ذلك، يدل على أن الرجل لدينا لا يزال يصر على حق الوكالة والوصاية التي تسلب القرار الاقتصادي والاجتماعي للمرأة. المرأة لدينا - الأم والابنة والزوجة - تتعرض يومياً للعديد من السلوكيات الذكورية التي تفقدها قرارها. لقد تعلمت المرأة ونجحت نجاحاً كبيراً، وحصلت على أعلى الدرجات العلمية، ولكن ليس أمامها الا فرص ضئيلة للعمل، فإن تعمل معلمة أصبح هناك تشبع، وأن تعمل طبيبة أو ممرضة، فإن المجتمع لا يستسيغ ذلك، وإذا حدث فإن الأعداد قليلة، وما يتبقى من دون عمل ممن يتخرجن كل عام يُعد بالآلاف، وتتراكم الآلاف فوق الآلاف لأكثر من 20 عاماً، وأبواب الأعمال الأخرى موصدة أمامهن، وكلما طرقن باباً وطارت أحلام النساء فرحاً، فجأة يتوقف الفرح ويسود الحزن والكآبة. وعلى رغم أن الدولة تقدم المساعدات للنساء في عمل سجلات لمحال ومشاغل الخياطة والمطاعم والمستوصفات ومصانع الحلويات. إلا أن السجلات التجارية التي تعود إلى النساء لا تتعدى 20 في المئة من إجمالي السجلات الصادرة في المملكة. الشيء الذي يشد الانتباه، اننا نتعامل مع المرأة وفق المزاج اليومي، فيوم يكون المزاج طيباً، فإذا نحن نفتح المجال لأحاديث ولقرارات لإعطاء المرأة حقها في طريق أعمال جديدة، والمشاركة في أعمال الغرف التجارية الصناعية، أو السماح بتوظيفها في مجال الملابس النسائية، وفجأة نجد المواقف تبدلت في يوم آخر، والغريب أن فكرة محال الملابس النسائية، وأنها يجب أن تدار بأيدٍ نسائية استفادت منها دول خليجية وطبقوها فعلاً لا قولاً، مع أننا أول من طرحها ومجتمعنا أولى أن تطبق به قبلهم، نظراً إلى خصوصيته، وقد أصبح الذين يملكون الصبر الطويل لسان حالهم يقول"المرأة محلك سر"، أي سيري وأنت متوقفة، بمعنى أن تظهر المرأة كأنها تسير وتمشي وتركض لكنها في محلها ثابتة. أليس هذا غريباً في مجتمع أصبح الذين يحملون مؤهلات دراسية جامعية، ورسائل ماجستير ودكتوراه يعدون بمئات الآلاف؟ أليس هذا غريباً في مجتمع أصبح الجميع فيه منفتحاً على ثورة العولمة والإعلام والرحلات خارج أرض المملكة؟ لماذا هكذا نحن المجتمع الرجالي نتعامل مع أخواتنا وأمهاتنا وزوجاتنا وكأنهن لسن منا ونحن لسنا منهن، لماذا نُصر على أن تظل المرأة في المجتمع مصابة بالاكتئاب والبطالة والتهميش؟! [email protected]