الولايات المتحدة الأميركية أشبه ما يكون بالبحر المتلاطم، فيه خيرات كثيرة وأهوال أكثر، ولمن أراد الحصول على خيراته يجب أن يغوص في أعماقه ويتحمل مخاطره، فداخله مفقود والخارج منه مولود، فكم من مغامرة على مستوى الدول والأفراد دفعت بمراكبها في عرض بحره الهائج وابتلعها كما ابتلع غيرها، وكم من مراكب جنت من عرضه الدرر واستخرجت كنوزه في الوقت الذي يهدأ فيه ويأمن الصياد جانبه، أن بحر أميركا يكون في أشد هيجانه عندما تدخل أميركا في حروب مستمرة مبررة أو غير مبررة، تستنفد المتوقع وغير المتوقع من خزائنها، لذلك فإنها تلجأ لحيل غير مكشوفة لامتصاص ما لديها من استثمارات أجنبية حتى على حساب سمعة مؤسساتها المالية وانعكاسات ذلك على كل الدول المرتبطة بها مالياً، فهي تستعمل بعض مؤسساتها المالية التي تعتمد على الاستثمارات الأجنبية كأدوات لإبقاء المال الأجنبي في أرض أميركا وعدم إعادته لأصحابه المستثمرين، لأن تلك المؤسسات التي كانت تديره عملياً أفلست وضاعت أموالها، كما يبدو للعالم أجمع. أميركا سهلت على البنوك التي استقبلت الاستثمار الأجنبي طريقة نثر تلك الأموال وتوزيعها على شعب أميركا بصور مختلفة، مثل إعطائهم قروضاً ضخمة في مقابل رهن عقاراتهم ولم تتخذ احتياطات انخفاض قيمة العقار المرهون، أو عدم قدرة شركات التأمين على الوفاء بالتزاماتها، وكذلك بالنسبة للمؤسسات المالية التي تقدم للشعب الأميركي وغيره البطاقات الائتمانية على المكشوف والتوسع فيها من دون اتخاذ ضمانات قوية لاسترجاع الأموال المنثورة بهذه الصورة التي جعلت المتابع لأدائها يصف هذه المؤسسات بأنها فرطت في أموال الاستثمارات الأجنبية والمحلية لديها، علماً بأن أنظمة الدولة هي التي جرتها إلى أن تصل إلى ما وصلت إليه من فلتان وضياع، فغرق المال المستثمر في البحر الهائج وابتلعته أسماكه ولم يخرج من أرض أميركا كما رسم له. إن الضمانات التي تقدمها أميركا الآن لدعم مصائد الاستثمار الأجنبي ما هي إلا محاولة منها لاجتذاب موجة أخرى من الاستثمارات الأجنبية لتبحر في بحرها الذي يفتعل الهدوء والطمأنينة، ليشعر المستثمر بالأمان ويبدد مخاوفه ليعاود الكرة في الابحار، ولا نعلم متى يهيج بحر ال U S A ويبتلع ما لديه من مراكب وبأي حيلة سيحتال. إن المؤمن لن يلدغ من جحر مرتين، لذلك على المستثمر العربي أن يبحث عن مجال أكثر أمناً وثباتاً لاستثماراته ويركز على الأصول الثابتة حتى لو قلت ربحيتها عن غيرها، ولماذا لا يستثمر الخليجيون كل أموالهم في بلدانهم الخليجية والعربية في المنشآت التي من خلالها تُبنى أوطانها وتنمي أموالها ولن تخسرها كما ضاعت منها في استثمارها في بحر ال U S A إن شاء الله تعالى. [email protected]