يعتبر الكثيرون ريتشاد فولد وجه الأزمة المالية العالمية، ذلك الرجل صاحب النظرات الجادة دائما، رئيس بنك ليمان براذرز الاستثماري الأمريكي المنهار الذي يعتبره المراقبون المتهم الأول وراء أسوأ ركود اقتصادي في العالم منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. اضطر فولد للمثول يوم الأربعاء أمام لجنة التحقيق بالكونجرس الأمريكي ولكن هناك نظريات يذهب أصحابها إلى أن فولد كان ضحية مؤامرة كبيرة. تدور الأحداث كلها حول يوم الخامس من سبتمبر عام 2008، حيث أفلس مصرف ليمان براذرز في هذا "الاثنين الأسود" ثم ابتلع مصرف "بنك اوف أمريكا" بنك ميريل لينش المنافس بعد تعثره. وانتشر الخوف في أنحاء العالم من المزيد من عمليات الإفلاس الواسعة وأصيبت أسواق المال بصدمة أصابتها بالشلل وانهارت البورصات. كانت هذه هي بداية الأزمة المالية العالمية التي وصلت آثارها وتداعياتها فيما بعد لجميع أنحاء الكرة الأرضية. واضطر فولد مرة أخرى يوم الأربعاء للدفاع عن نفسه وتبرير أحداث ذلك اليوم المشئوم الذي غير العالم بشكل دائم. وأصر في أقواله أمام اللجنة المالية المعنية بالتحقيق في الأزمة العالمية على أن مصرف ليمان براذرز لم يكن لينهار لو أن الدولة مدت له يدها عندما طلب منها المساعدة وقال إن الدولة هي التي فشلت في أداء واجبها، وليس البنك. ولكن لماذا تعرض البنك لمصاعب أصلا؟ ليس هناك شك في أن ليمان براذرز كان يخوض الكثير من الاستثمارات المالية شديدة المخاطر، كغيره من كبرى المؤسسات المالية في بورصة وول ستريت، وكان يعاني من آثار انهيار سوق العقار الأمريكي. ولم تستطع إدارة البنك العملاق السيطرة على المشاكل متسارعة الوتيرة مما أدى إلى نفاد أموال البنك. غير أن البنك استمر في مضارباته قبل أن تعطيه صناديق التحوط العملاقة الضربة القاضية. وكان عدد من البنوك يتربص لانهيار هذا البنك العريق الذي تأسس قبل 158 عاما، وبينها بنك جرينلايت و مصرف سيتادل بالإضافة إلى بنك جولدمان ساكس، المنافس الأكبر لبنك ليمان براذرز حسبما تقول إحدى نظريات المؤامرة. وحسب هذه المؤامرة فإن كبار المضاربين في سوق المال قاموا بعد ذلك بعمليات بيع على المكشوف والتي استطاعوا من خلالها تحقيق أرباح من وراء انخفاض أسعار الأسهم. وهناك إحدى شركات المحاماة تبحث حاليا بتفويض من المصفي القضائي لبنك ليمان براذرز عن أدلة على هذه النظرية بما في ذلك رسائل الكترونية ذات مضمون مشبوه بين الأطراف المعنية وعن بيانات عن عمليات شراء إبان الأزمة و أية وثائق أخرى حسبما كتبت صحيفة "نيويورك تايمز". ولا يزال عشرات الدائنين ينتظرون الحصول على أموالهم، بل إن هناك قضايا بهذا الشأن أمام محاكم ألمانية حيث كان للبنك فرع في مدينة فرانكفورت. وكان العديد من صغار المستثمرين قد اشتروا أسهم البنك عبر مستشاري بنوكهم. وفقد الطلاب والمتقاعدون في ألمانيا أموالهم لدى البنك في حين حصل بعضهم بجهد جهيد على بعض التعويضات. وهناك بين البنوك أيضا نزاع شديد حيث يتهم المصفي القضائي مصرف باركليز كبائع لأجزاء كبيرة من ليمان براذرز بأنه قد خرج من الأزمة بثمن بخس. كما يتهم المصفي بنك جي بي مورجان العملاق بأنه ابتز ليمان براذرز بمبالغ بالمليارات قبيل إفلاس الأخير مما عجل بانهياره. ربما أصبحت كل هذه السجالات القضائية والتحقيقات مع الرئيس السابق لبنك ليمان براذرز غير ذات أهمية وذلك بعد أن ضمن نصيبه من أموال البنك حيث يقال إنه حصل على نحو 500 مليون دولار على مدى عدة سنوات، وليس هذا بحال خاسر في الأزمة.