عذراً عزيزي القارئ، فهذه ليست إحدى الصفحات الرياضية الكثيرة، التي تستنزف الجزء الأكبر من كل المطبوعات ولا تكتفي، بل تطلب المزيد، وذلك نزولاً عند رغبة القراء الأعزاء، لا سيما الشباب منهم، اطمئن قارئ صفحة"وجهات نظر"بأن هذه المساحة الصغيرة لا تود، ولا أظنها تجرؤ على مزاحمة مقالات وأخبار وأحداث وعجائب وغرائب المشهد الرياضي، الذي هيمن تقريباً على معظم مفاصل القارئ... لقد استطاعت جميع الأمم أن تجعل من الرياضة بمختلف أنواعها نافذة واسعة تطل بها ومنها على العالم، وكذلك تكون بمثابة شاشة كبيرة يشاهد فيها العالم بأسره مظاهر التقدم والتطور والإبداع لتلك الأمم، أي أن أمم العالم وظفت، بكل مهارة وحرفية وذكاء، مشهدها الرياضي للتسويق والتعريف بحضارتها وتاريخها وثقافتها، بينما سخّرنا نحن كل طاقاتنا ومواردنا ومكتسباتنا من أجل النهوض بالرياضة، ولا أحد يُنكر أهمية الرياضة بمختلف أنواعها ومستوياتها، ولكن أن تكون الصفحات الرياضية هي الأكثر والأوسع انتشاراًً بين كل الصفحات المتخصصة الأخرى، وتكون البرامج الرياضية في الفضائيات والإذاعات هي المهيمنة على باقي البرامج، وان تسيطر مواقع الانترنت الرياضية على المواقع الأخرى، فهذا أمر يستحق منا وقفة، بل وقفات لمراجعة واقعنا المعاصر الذي هو أشبه بكرة جوفاء يتقاذفها بعض الصبية! ما دعاني لكتابة هذه المقدمة الرياضية على رغم اعتزالي الاختياري للكتابة الرياضية بعد ركض استمر لأكثر من 12 عاماً هو استجابة فطرية، أو هكذا أظن للحدث الأهم على الصعيد الرياضي، إن لم يكن على الأصعدة كافة... وهو مهرجان اعتزال كابتن الهلال والمنتخب السعودي لكرة القدم سامي الجابر، وذلك بمشاركة أهم وأغلى نادٍ عالمي الصيت، وهو مانشستر يونايتد الانكليزي، أو"الشياطين الحمر"، كما يحلو لعشاقه أن يلقبوه"الشيطان الأحمر"بيننا هذه الليلة. لا أريد الحديث عن سامي الجابر، لاعب كرة القدم، وصاحب الألقاب والأهداف والانجازات، لان لذلك الحديث أصحابه وعشاقه وهم كثر، وينتشرون في جميع الصحف والمجلات والفضائيات ووسائل الإعلام المختلفة، بالطبع لا أريد الحديث عن ذلك الجانب الرياضي، على رغم أهميته ومكانته، ولكنني أحاول أن أثير بالحديث عن سامي الجابر قضية في غاية الأهمية، تُعاني منها الساحة الرياضية في بلادنا، ألا وهي تدني المستوى الفكري والثقافي والسلوكي لدى غالبية رياضيينا، على رغم أنهم أي الرياضيين لاسيما النجوم منهم المثل الذي يتطلع له ويسعى لتقليده أطفالنا وشبابنا، وكم كنت أتمنى ألا يكون سامي الجابر، والقليل القليل من رياضيينا، هم الاستثناء، ولكن هذه هي الحقيقة الأليمة التي لابد من مواجهتها والعمل على إيجاد الحلول المناسبة لزيادة ذلك الاستثناء ولو بنسبة قليلة... فسامي الجابر هو اللاعب الخلوق وصاحب السجل الرياضي الحافل بكل الألقاب والانجازات الرياضية، والمتحدث البارع بأكثر من لغة، وسفير النيات الحسنة من هيئة الأممالمتحدة، التي قررت منحه هذا الشرف، تقديرا ً لمشاركته الفاعلة في مناسبات خيرية، ودعمه لأنشطة الجمعيات والهيئات التي تتولى رعاية الأيتام والفقراء في بلاده، والمثال الصارخ للشاب العصامي الذي بدأ من الصفر، واستطاع بذكائه الفطري والاجتماعي وإخلاصه وجهده، أن يتربع على عرش النجومية لأكثر من عشرين عاماً، سواء على المستطيل الأخضر أو خارجه. سامي الجابر... شكراً لك على كل ما قدمته للرياضة السعودية ولناديك ولشباب بلدك، فقد كنت ولا تزال مثالاً رائعاً يُحتذى به من الصغار والكبار... كما أشكرك شخصياً لأنك خلصتني من دفع مبلغ كبير من المال ثمناً للعبة الكترونية تُدعى"Sony 3"لطالما ماطلت فيها ابني محمد"10 سنوات"، والذي يعتبرك المفضل لديه رياضياً، فحينما ضاق ذرعاً بكثرة تأجيلي لشراء تلك اللعبة، حسم أمره بكل شجاعة، وقال لي: أكتب مقالاً عن سامي الجابر، وسأنسى تلك اللعبة إلى الأبد، وهذا ما كان. [email protected]