للبلدان أيام مشهودة وأيام محمودة، وعندما نذكر تلكم الأيام نذكر بكثير من الفخر والاعتزاز يومنا الوطني، الذي يذكرنا بما قام به الآباء والأجداد من تضحيات جسام لتحقيق هذه الوحدة الرائعة..."اليوم الوطني"هو يوم لجميع محبي هذا الوطن، وعشاق ثراه الطيب المبارك، وتاريخه المجيد. إن الملك المؤسس ? رحمه الله ? وحّد واستعاد ملك أجداده، فلم يكن غريباً عن المنطقة، وعندما قام البطل عبدالعزيز كانت هناك دول كبيرة عدة تسيطر على أجزاء من الجزيرة العربية، أما في نجد فكانت السلطة ترجع لقيادات كثيرة جداً. الملك المؤسس ? رحمه الله ? نجح بتوفيق الله في تكوين دولة متماسكة قادرة على إقامة مؤسسات فاعلة واتخاذ إجراءات سياسية منطقية، ما يعد تحدياً كبيراً في ذلك الوقت وفي تلك الظروف الاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية التي عاشتها الدولة السعودية إبان فترة تأسيسها. كما نجح في وضع وترسيخ المبادئ الأساسية للدولة السعودية الفتية التي تضمن استمرارها واستقرارها، وأحداث الهيكل الإداري القابل للبقاء والتطوير والدمج الواسع النطاق للجماعات السعودية المتباينة، هذا وببساطة مكن من التحول لدولة ملكية دستورية حديثة، توفر الحياة الكريمة لمواطنيها في جميع نواحي التنمية البشرية الشاملة التي يعيشها ابن هذا الوطن الكريم، محفوفة بقوالب ثابتة من التشريع الإسلامي الحنيف، دولة تعتبر أكثر دول العالم أمناً وأقلها جريمة باعتراف الجميع، دولة تفتخر بتطبيق شرع الله القويم على كل من يفسد في الأرض. من مآثر الملك المؤسس ? رحمه الله ? الأمن، فلقد أصبح المواطن لا يخاف على نفسه من القتل أو السرقة أو الخطف، بعض شبابنا اليوم لا يُقدر للأمن قيمته ونشاهده يتهور ويدمر ويفجر، والسؤال: هل هذه الفئة المنحرفة الفاسدة تريد بنا الرجوع للأيام الخوالي قبل عهد المؤسس، عندما كنا في خوف وهلع وعدم استقرار، وهؤلاء الشباب المنحرفين فكرياً وسلوكياً لا يهمهم ماذا ستصبح عليه الأمور ولم يحسبوها حق الحسبة... لقد عم الأمن والأمان بين القبائل بعد التناحر والاقتتال. هدف استراتيجي آخر من أهداف المؤسس التي ينبغي أن نتذكرها هي استراتيجيته في البعد عن المهاترات السياسية، وقد يقول سقيم عقل وفكر إن سبب هذه التنمية في المملكة هو النفط وهذه فكرة ساذجة جداً، إذ إن كثيراً من البلدان لديها ثروات نفطية كثيرة، ولكن للأسف لا تصل للمواطن البسيط. ومن هذا المنطلق أرى أن الاهتمام باليوم الوطني وبالملك المؤسس يجب أن يأخذ بعداً آخر غير البعد الاحتفالي، وأن يكون هذا اليوم منطلقاً لزيادة جرعات الولاء لهذا الوطن الذي أعطانا الكثير، وأن يكون المواطن هو عين الدولة الذي ترى بها وأذنها التي تسمع بها، وعندما نرى أو نسمع عن هذه الفئة الضالة التي همها إفساد تنميتنا وتقدمنا، فيجب علينا إبلاغ الجهات الأمنية لمنعهم من ظلمهم لأنفسهم ولدولتهم، هذه الفئة الضالة الفاسدة التي تريد منا قسراً أن نكون دولة ومجتمع على غرار أفغانستان وغيرها، فهدفهم إفساد هذه التنمية الشاملة التي نعيشها والأمن الذي نعيشه. وإلا فمن برر لهم قتل الأبرياء من المسلمين والمعاهدين وإفساد الممتلكات العامة والخاصة. هذا اليوم العظيم..."اليوم الوطني"يجب أن يكون دافعاً لنا جميعاً للتلاحم مع قيادتنا في وجه هذه الطغمة الفاسدة المنحرفة فكرياً وسلوكياً، ولو أصبح لهذه الفئة قوة فهذا معناه أن المواطن سيخسر هذه التنمية. إن كل مواطن ذاق وعرف قيمة التنمية، ألا تذهب للمستوصف والمستشفى مجاناً ويصرف عليك مبالغ باهظة للعلاج من دون أن تدفع شيئاً، كذلك ألا يتعلم أبناؤك في المدارس مجاناً، وحتى طلاب الجامعات يصرف لهم إعانات وهذه نادرة في عالمنا اليوم، والاتصالات والكهرباء والماء في كل منزل، والطرق الحديثة تخترق الصحراء من جميع جهاتها لخدمة المواطن والمقيم، والمعاهد الخاصة بالمتخلفين عقلياً والمعوقين في كل مدينة وقرية لخدمة هذه الفئة وإعانتهم على الحياة مجاناً. لا أقول إننا وصلنا إلى حد الكمال في التنمية، ولكن نحن نسير في الطريق الصحيح، وهناك الكثير من المشاريع الخيرة التي تأتي تباعاً وكل يوم يعلن عن مشروع جديد لخدمة أبناء هذا الوطن العزيز، وهذه طبيعة الحياة أنها تأخذ وقتاً في النمو، فنحن والحمد لله سائرون على الطريق الصحيح، وهذه المشاريع الخيرة تصب كلها على المواطن البسيط لتسهل عليه أمور معيشته... تعجبني كلمة قالها أحد القادة العظماء:?"لا تقول ماذا فعل وطنك لك ولكن قل ماذا فعلت أنت لوطنك". وفي الختام نرفع الشكر والتقدير والعرفان للوالد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز ? حفظهما الله ? بزيادة مخصصات الضمان الاجتماعي والصناديق التنموية، وكذلك مشاريع الإسكان الخيرية في عدد من مناطق المملكة والتي ستمكن محدودي الدخل من السكن الملائم والصحي والمريح، وكذلك زيادة الرواتب، وكذلك المدن الصناعية الجديدة والتي ستنقل هذا الوطن ليكون في مصاف الدول المتقدمة صناعياً وإنتاجياً في القريب العاجل، وخفض أسعار الوقود والتي سيكون لها مردود جميل على أبناء هذا الوطن المعطاء. حفظ الله وطني، وطن المحبة والخير والإحسان، بقيادة الوالد خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وحكومتهما الرشيدة، وحفظ الله الجميع... وكل عام ووطني بخير وعزة ومنعة، وحصناً قوياً لكل مواطن محب لخير دينه ووطنه. د. يوسف بن أحمد الرميح أستاذ علم الإجرام ومكافحة الجريمة المشارك جامعة القصيم