أنا أم سعودية لثلاثة شباب الله يحرسهم، مات والدهم قبل عشر سنوات وتركهم لي، وليس لي معين إلا الله سبحانه وتعالى، ومساعدة أهل الخير والإنسانية، تعهدت أن أتفرغ تفرغاً كاملاً لتربيتهم، فهجرت لذات الدنيا ورفضت الزواج أكثر من مرة، حتى استطيع أن آخذ بيد أولادي الثلاثة إلى المستقبل الزاهر، فأدخلتهم أحسن المدارس وسهرت عليهم الليل والنهار، وأبعدتهم عن أخطار الحياة... حتى أستطيع أن أُدخل أولهم الجامعة، وبقي الاثنان احدهما في الثانوية والآخر في الكفاءة... وشددنا الهمة وتخرج الأول في الجامعة ولكنه بقي من غير وظيفة، إذ إن شهادته الجامعية لا تؤهله للحصول على أي عمل، لأنه من غير خبرة وتدريب، فأصبح يبحث عن وظيفة في كل الجهات والشركات والإدارات الحكومية، وكانت الإجابة، آسفين، ليس لديك خبرة في أي مجال، فاضطررت أن آخذ سلفة من احد البنوك وافتح له مشروعاً صغيراً يدر عليه بعض الفائدة. تخرج ابني الثاني من الثانوية، وتوقفت أفكر في مصير هذا الابن لو التحق بالجامعة وقضي فيها أربع سنوات ومن ثم تخرج من دون أن يحصل على وظيفة مثل أخيه، وبينما كنت في دوامة من التفكير، وإذا بإحدى صديقاتي تتصل بي لتبلغني أن ابنها الذي مع ابني في الثانوي قد التحق بأحد المعاهد التقنية الحديثة، الذي تم افتتاحه أخيراً في مدينة الرياض. قلت لها: ألا تعتقدين يا صديقتي العزيزة أن ابنك هذا سيقضي كذا من السنوات في المعهد وبعد تخرجه سيكون مصيره مثل مصير ابني الأول؟ ردت عليّ صديقتي وهي واثقة من كلامها: لا يا أم أحمد، المعهد الذي اخترته لأبني هو معهد يتمتع بمعايير عالية للتدريب المهني، مستخدماً أحدث الأدوات والوسائل المستخدمة حالياً في ميادين العمل الفعلية، ذلك لضمان جودة الخريجين واستفادتهم من هذه الامكانات الهائلة. فسألتها: كيف تأكدتِ من ذلك؟ قالت: قمت وزوجي وابني بزيادة للمعهد، إذ شاهدنا وتأكدنا انه يضم عدداً من المدرسين، كالمدرسة التقنية والمدرسة المهنية للإنشاءات، والمدرسة الفندقية، ومدرسة التعليم المستمرة وجميعها تخضع لإشراف المؤسسة العامة للتعليم المهني والتدريب الفني. سألتها: وما الذي يميز هذا المعهد عن المعاهد الأخرى المنتشرة في بلادنا؟ قالت صديقتي:"إن طريقة التدريب في مدارس المعهد غير اعتيادية، فقد اعتمد المعهد إنشاء ميدان عمل خاص بكل مدرسة للتطبيق العلمي، كوجود فندق حقيقي سيمارس فيه الطلاب التدريب على أعمال الفندقة بشكل فعلي، كل بحسب موقعه وتخصصه، وهذا يعني حينما يتخرج أبناؤنا في المعهد تكون لديهم الخبرة الكافية لسوق العمل، ولن يتعرضوا لمواقف عدم وجود الخبرة. وقبل ان اختتم محادثتي مع صديقتي سألتها عن اسم هذا المعهد؟ قالت وهي تضحك: لن أخبرك باسمه ولكن المثل يقول:"اللي يريد الشيء يبحث عنه"، وانهينا المحادثة التي أعطتني الأمل طالما أردت تحقيقه، وهو مستقبل أبنائي العلمي والعملي، وأخذت أبحث عن هذا المعهد الذي سيحقق لي ولأبنائي مستقبلهم إن شاء الله... أمين يا رب العالمين. والسؤال الذي أطرحه على جامعاتنا ومعاهدنا في السعودية هو: متى سيستفيد أولادنا من التدريب أثناء دراستهم الجامعية، حتى لا يكون مصيرهم مثل مصير ابني الأول خريج الجامعة ويعمل في بقالة؟ أمل صالح الزهراني - الرياض