الشعر بلا شك هو موهبة من العلي القدير، لذا فمنذ صباي وجدت نفسي أقرض الشعر بعفوية، حتى أنني كنت لا أظنه شعراً، لكن شقيقتي - رحمها الله حينما أطلعت عليه أخذته إلى لبنان، وبعد تشجيع أدبي من بعض الأدباء قامت بنشره، وطلبت مني اختيار اسم مستعار، لأنه كان في ذلك الوقت الأدب الرجالي يعاني من تقبّل المجتمع له فكيف بصبية صغيرة؟ طُبع ذلك الديوان في أواخر عام 1956، ونزل إلى المكتبات في بيروت في أوائل عام 1957، كانت القصيدة الأولى"سويعات الأصيل"التي قد لا يُصدق أحد أنني كتبتها وأنا في ال13 من عمري... والغريب أن ذلك الديوان لم يصحح فيه إلا ثلاث كلمات، ولعل كثرة قراءتي للقرآن الكريم ولدواوين الشعر هي التي حسّنت لغتي العربية، فتعلقت بالقراءة منذ كنت في ال11 من عمري. طُبع ديواني الأول بعنوان"عبير الصحراء"تحت اسم مستعار هو"نداء"، ثم أعدت طبعه في عام 1963 باسم"عيناي فداك"لنداء، ثم في عام 1984 أعدت طبعه باسمي الحقيقي، كان الشعر باللغة العربية هو البداية، فكنت أعيش بين المنطقة الشمالية القرياتوبيروت، لذا كانت ثقافتي عربية أكثر من كونها محلية، لكنني حينما أتيت إلى الرياض شدّتني اللهجة المحلية فبدأت أكتب الشعر الشعبي، وكانت التجربة الأولى فيه هي قصيدة"قهر"التي أحبها كل مستمع إليها، خصوصاً من فئة الشباب... أما الكتابة الصحافية فقد بدأتها عام 1960 في صحيفة"المدينة"، إذ كتبت صفحة المرأة التي كانت تهتم بالمرأة والطفل بشكل خاص، كانت تجربتي مع"المدينة"لمدة عام، ولظروف خاصة انقطعت عن الكتابة، فكانت وفاة شقيقتي التي شجعتني وساعدتني ضربة قاسية لقلبي... لكنني عدت للكتابة في صحيفة"عكاظ"عام 1965- 1966، وفي ذلك الوقت كان رئيس تحريرها الأستاذ عبدالله عمر خياط... ثم انقطعت أيضاً لظروف خاصة إلى عام 1971، إذ عدت للكتابة في صحيفة"الرياض"لمدة عامين، ثم انتقلت إلى"الجزيرة"التي استمريت في الكتابة فيها أسبوعياً لمدة 27 عاماً... من دون مقابل في كل هذه الصحف التي للأسف لم أتلقى منها حتى رسالة شكر... في"المدينة"و"عكاظ"كتبت باسم مستعار، أما في"الرياض"و"الجزيرة"فكتبت باسمي الحقيقي، الكتابة كانت وما زالت متنفسي الحقيقي، أيضاً شعوري الجماعي فأنا إنسانة لم استطع منذ صغري أن أعيش مشاعر انفرادية... الأسرة والمجتمع بل العالم بأسره أشعر بالتفاعل معه، وأتمنى لمجتمعي مزيداً من الوعي والعلم والثقافة، فليس لأمة أن تتقدم من دون ذلك، وقبل ذلك أيضاً الإيمان الصادق بالله سبحانه وبقدرة الانسان على تربية ذاته إذا عرف كيف يستعمل عقله وقلبه للخير والمحبة والعطاء والانتماء لوطنه وأمته. لي خمسة دواوين شعرية هي..."عيناي فداك"... و"على مشارف القلب"... باللغة العربية ... وباللهجة الشعبية التي بين الشعبي والفصيح"سحابة بلا مطر"و"الحصان والحواجز"بالشعر الشعبي أو ما يسمى ب?"النبطي"... لكن جميعها بلهجة واضحة بحيث يستطيع أي عربي أن يفهمها أو لنقل باللهجة المثقفة التي يتحدثها الجميع... لي أيضاً كتابين هما"صور في المجتمع"و"بين العقل والقلب"، وهما يحتويان على مقالات تصلُح لكل وقت وزمان، مقالات اجتماعية وقصص قصيرة من البيئة والواقع... شهادتي ثانوية، لكن قراءتي المستمرة استطاعت أن تعوض عدم اكمالي لتعليمي... هذه أنا سلطانة بنت عبدالعزيز الأحمد السديري، ورحلة أكثر من 47 عاماً مع الحرف الذي أردت به خدمة وطني وبيئتي ومجتمعي، وإلقاء الضوء على بعض مشكلات هذا المجتمع... حينما كتبت في البداية لم تكن النساء تقرأ، لكنني أشكر الله كثيراً على اننا الآن أصبحنا نجد في مجتمعنا آلافاً من النساء يحملن درجات علمية عليا في كل المجالات العلمية والثقافية والاجتماعية. منذ خمس سنوات أيضاً قمت بفتح صالون ثقافي أدبي في بيتي، بعد أن عجزت أنا وبعض اخواتي الأديبات من المطالبة بوجود جمعية ثقافية نسائية... لكن الآن سمعت أن النادي الأدبي بدأ بفتح أبوابه للنساء يومين في الأسبوع... وهذه خطوة جيدة تبشر بالخير. من خلال الصالون عرفت أكثر من ست شاعرات، وأكثر من ثلاث رسامات أيضاً، كما كان حصيلته تعاوناً بين الأديبات والفنانات مثل كتاب"وسمية"للأديبة الأستاذة أميمة الخميس، التي التقت بهذا الصالون مع الرسامة هلا خالد، وتم الاتفاق بينهما على هذا الكتاب للأطفال باللغة العربية والانكليزية، والذي نفد في الأسواق. حصلت على 30 جائزة بين ميدالية ووسام، أهمهما من وزارة الإعلام في قطر، ومن الجمعية الثقافية النسائية في الكويت، ومن الجمعية النسائية في البحرين، ومن جامعة الملك سعود، ومن وزارة الإعلام السعودية، وهي ميدالية رواد المؤلفين، ومن"اليونيسيف"لمشاركتي في برنامج الطفولة والأمومة، ومن جمعية الوفاء الخيرية التي كنت أول رئيسة لها... والبقية من جمعيات في المملكة من المدينةوجدة والاحساء والطائف وجازان والجوف. أخيراً لعل شغفي بالثقافة واهتمامي بالعلم والمعرفة يعود إلى والدي وشقيقتي رحمهما الله فقد - كان والدي أول من فتح مدرسة للبنات عام 1952 في مدينة القريات، وهذا مؤرخ في كتاب الشيخ حمد الجاسر - رحمه الله - كما أن شقيقتي احتضنت موهبتي وأمدتني بالكتب العربية والمترجمة ودواوين الشعر، وقرأت في صباي لمعظم أدباء الشرق والغرب.