قالت وهي تحدثها عن حياتها مع زوجها والدموع تنهمر منها كالسيل الجارف، لماذا الأمواج تثور وأنحني لها في خضوع، بل لماذا الظلم ينخرني حتى الضلوع؟... أخُلقت لأكمم فاهي وادخل في جحري كالفأر المزعور... أليس لي الحق أن أقول... فقط لأسمع، وماذا اسمع... كمية من السباب والشتائم تقشعر لها الأبدان. صديقتي، عندما يدخل المنزل أضع راحتي كفي أمام عيني وأوجههما نحو القبلة وأدعو، لأني اعلم أن الله لا يرضى الظلم على عباده، ولكنه يمهل ولا يهمل. بل إني أرى ابتساماته بل ضحكاته وقهقهاته تنبسط على أرض حياتي والدموع في عيني، وأقول له وأنا في حال خوف وتعاسة، لماذا كل هذا؟ فيشيع خوفي بقهقهاته... فهو يستأسد عندما يرى ضعفي. قالت لها: أهو مريض؟ نعم، وعلاجه ولمن مثله أن نقف في وجه إعصاره لنقول: لا... وسأقولها له اليوم أو غداً... نعم سيأتي اليوم الذي انتصر فيه لنفسي لأعيش الحياة لأرفع صدري بكبرياء. أجابتها: اتركيه... الله لا يترك الظالم... فسيموت وسيشعل قبره بدموع من ظلم. مرت السنون وقابلت صديقتها والسعادة تغطي معالم وجهها فرحة مستبشرة وأخذت تردد: أبشرك... فأنا اليوم أحمل مفتاح زنزانتي، أحمل ورقة حريتي.. أحمد الله أني غادرتها وأنا أحمل ما تبقى لي من صحة قبل أن أغادرها وأنا أشلاء إنسانة.. صدقيني على رغم علمي أن الطلاق أبغض الحلال عند الله، لكن الله وضعه لأمثالي... لمن تمتهن كرامتهن وكبرياءهن كل يوم، بل كل ساعة أو دقيقة، كل جزيء في حياتي اشتكي الظلم، حتى كنت أكره الحياة لأنني رأيتها من عتمة دهاليزها السفلية، لكن اليوم أحسست بأني ظلمت الحياة فنورها يشع أمام عيناي حتى أكاد أقفلهما من شدة شعاع ضوئها. اليوم أنا حرة بكل معانيها الدقيقة المحددة وفق تعالم ديني... إنسانة تحمل مجموعة أحاسيس تعرفت عليها بعد أن تاهت وتجمدت لفترات طويلة، وتحمل الحب بكل معانيه الطاهرة لكل الناس من دون استثناء، وسأوجه وجهي نحو الغد بعد أن أترك الماضي خلفي بعد أن تعلمت منه أن أقول: لا... وألف لا للظلم... للاستبداد... للاستسلام... لمن يمس كرامتي وحريتي وإنسانيتي بسوء. نبيل خليل الكويتي [email protected]