لا زلت أتذكر ذلك اليوم بكل تفاصيله المرة.. لا زلت أذكر ملامحه جيداً تبدو الآن ماثلة أمام عيني اللتين صارتا كغيمتين تزخان المطر بقوة وبلا توقف حد الغرق. المطر يطرق نافذتي ووجنتاي تسبحان بالدموع وأنا أرتمي على فراشي الذي كثيراً ما صرخ في وجهي لا ألومه فقد ملني.. فتحت باب غرفتي.. ذهبت لأرى المطر لأغسل بقطراته ألمي.. بكيت وبكيت.. الآن فقط لا أحد يدرك كنه هذه المياه التي تغسل وجهي هل هي دموع أم مطر.. لا أحد يستطيع التحديد.. أرسلت أناتي كقصيدة أترنم بها تحت وقع المطر.. نظرت إلى الأشجار.. حتى الأشجار تبكي.. أبت إلا أن تشاركني بكائي بدموع غزيرة.. لم أكن أسمع تلك الليلة سوى أناتي كنت مع نفسي أخلو بها مع المطر لا أحد يشاركنا سوى الشجر.. آآآه على أيامي التي أضعتها معه.. وآآآآه على تضحياتي التي بذلتها لمن لا يستحقها.. أين هو الآن من ألمي.. من حسرتي التي أتجرع مرارتها كل ليلة.. ولّى وذهب وتركني وحيدة أتخبط حتى في الضياء بحثاً عنه.. مثخنة أنا بالألم.. ونشيجي لا يزال مستمراً.. وهو قابع هناك يتقلب في ظلمه وغيه.. في جبروته وكبريائه.. كثيرة هي الأيام التي أبكاني فيها.. سخر من ألمي ووجعي بقهقهاته الظالمة.. تمنيت يوماً أن يحتوي وجعي أن يشعر بي.. لكني لم أجد سوى سراب كنت أحلم بأن يتحول إلى حقيقة.. يتوقف المطر.. يعم السكون ودموعي تنهمر بحرارة حتى لكأنها اللهيب.. أراه الآن ماثلاً أمامي.. أصفعه بعنف على خده.. هيا اغرب عن وجهي لا أريد أن أراك لا أحب ملامحك.. لاكتشف في النهاية أن الذي أمامي ليس إلا طيفاً رسمه المطر قبل رحيله.