ليس صحيحاً في معظم الأحوال ما قاله الأديب السوداني الطيب صالح في روايته"موسم الهجرة إلى الشمال"، فهذا العنوان لا ينطبق على قسم كبير من أبناء وبنات منطقة الجوف، الذين يحزمون أمتعتهم بداية كل فصل دراسي تجاه المدن السعودية الكبرى التي تقع جنوبها، مثل الرياضوجدة والدمام. وفي الوقت نفسه يأمل أهالي منطقة الجوف بأن تضع جامعتهم الوليدة، التي أنشئت قبل نحو عامين بأربع كليات وانضمت إليها أخيراً كلية خامسة، حداً لسنوات طويلة من غربة أبنائهم وبناتهم. وأوضح وكيل جامعة الجوف الدكتور طارش بن مسلَّم الشمري في حديث مع"الحياة"، أن الجامعة حققت حلم أهالي المنطقة،"بعد أن عانوا سنوات طويلة من تغرب أبنائهم وبناتهم خارج المنطقة، للدراسة في مناطق المملكة التي تتوافر فيها جامعات، وفي دول عربية مجاورة مثل الأردن". واعتبر الشمري أن الجامعة التي كلف بإدارتها مدير جامعة الملك سعود الدكتور عبدالله الفيصل محظوظة،"لأنها ارتبطت في بداية تأسيسها بأم الجامعات السعودية". وفي ما يأتي نص الحديث: هل حدّت جامعة الجوف من هجرة أبناء المنطقة للدراسة خارجها؟ - بداية نشكر الله تعالى أن تهيأ لنا في المنطقة وجود جامعة الجوف، التي كانت بمثابة الحلم الذي راود الكثيرين وأصبح واقعاً ملموساً، إذ يدرس فيها حالياً نحو 4 آلاف طالب وطالبة. وجود الجامعة في هذه المنطقة كان له مردود إيجابي في استقطاب أكبر عدد من أبناء المنطقة وبناتها الذين يدرسون خارج المنطقة في جامعات المملكة المختلفة، وفي دول عربية مجاورة مثل الأردن. في ما يخص الطلاب والطالبات الذين يدرسون خارج المملكة، قامت جامعة الجوف بمخاطبة الملحق الثقافي في الأردن قبل نحو عام لإبلاغ الطلاب والطالبات بالتخصصات الموجودة في جامعة الجوف، وحثهم على مراجعة جامعة الجوف لتحويلهم للدراسة في الجامعة. وحقيقة فإن وزير التعليم العالي مهتم جداً بموضوع دراسة الطلاب السعوديين خارج المملكة، ووجّه بمعاودة مخاطبة الملحقيات الثقافية بهذا الخصوص، وعلى رغم أن الجامعة تحت التأسيس إلا إنها أسهمت في الحد من هذه المشكلة. ما خطة القبول في الجامعة للطلاب والطالبات للفصل الدراسي المقبل؟ - سبقت جامعة الجوف جميع الجامعات السعودية المنشأة حديثاً، إذ تم قبول جميع الطلاب المتقدمين في بداية العام الدراسي الجديد للدراسة في الجامعة، في برامج البكالوريوس وبرامج كلية المجتمع التابعة للجامعة. وستستمر الجامعة في الفصل الدراسي الحالي بالعمل على استحداث تخصصات جديدة، بناءً على ما يتوافر للجامعة من إمكانات مادية وبشرية ومبان دراسية، وسيكون هناك استيعاب أكبر. ووافق المقام السامي أخيراً على إنشاء كليات وأقسام جديدة في الجامعة، وهذا يستلزم التوسع في قبول الطلاب والطالبات. وفي ما يخص الطالبات، يمكن قبولهن حالياً في قسم علوم الحاسب الآلي في كلية العلوم، وفي قسم التمريض في كلية العلوم الطبية التطبيقية، ونسعى للتوسع في هذا الجانب. اشتكى عدد من أبناء المنطقة الطلاب من استحواذ عدد من الطلاب المقيمين خارج المنطقة على أكبر نسبة من القبول في الجامعة للعام الدراسي الحالي، ما تعليقك؟ - أنا سعيد جداً أن تقبل الجامعة الطلاب من جميع أرجاء المملكة، والجامعة للجميع، وأعتقد أن وجود بعض الطلاب من خارج المنطقة يدرسون في الجامعة يعتبر إضافة مهمة للجامعة، ويوجد نوعاً من التنوع الثقافي المهم والضروري، ونحن نرحب بهم ونشكرهم على اختيارهم جامعة الجوف، وإن شاء الله يكونون من الطلاب المميزين. ولا يراعى في قبول الطلاب مكان سكنهم الأساسي، وهذه ليست مشكلة طالما أن الجامعة قبلت جميع الطلاب المتقدمين. متى تبدأ الدراسة في المبنى الجديد للجامعة في ضاحية المطار؟ - من المتوقع أن يضع خادم الحرمين الشريفين في زيارته المرتقبة إلى منطقة الجوف حجر الأساس لمشروع المدينة الجامعية في ضاحية المطار جنوبسكاكا، ونتوقع أن تكون المدينة الجامعية في حال اكتمالها مشروعاً حيوياً ومتكاملاً. وخصص لهذا المشروع ما يزيد على 800 مليون ريال، وبدأ المقاولون قبل نحو ثلاثة أشهر تنفيذ بعض مشاريع المدينة الجماعية، مثل الموقع العام للمدينة، وكلية الهندسة، وكلية العلوم الطبية التطبيقية، ونتوقع أن يكتمل تنفيذ هذه المشاريع بعد نحو ثلاث سنوات. أما اكتمال تنفيذ مشاريع المدينة الجامعية الأخرى فإنه سيأخذ وقتاً أطول، ومشاريعها ستأتي تباعاً سنة بعد سنة. لماذا لم يتم الإعلان عن وظائف نسائية في جامعة الجوف؟ - هناك خطة لضم كليات التربية للبنات إلى وزارة التعليم العالي، ونحن نترقب إقرار هذا الخطة من عدمه، والجامعة لها وجهة نظر في وضع هذه الكليات من جهة الوظائف، وترى الجامعة أنه في حال ضم كلية التربية للبنات إلى جامعة الجوف يجب استحداث وظائف جديدة، والموظفات اللاتي لسن على وظائف رسمية يجب تثبيتهن، وفي ضوء هذه الخطة ستتحرك الجامعة في هذا الشأن. وحالياً فإن الجامعة قامت باستقطاب عدد من المحاضرات والمعيدات لتدريس الطالبات في جامعة الجوف. متى ستظل جامعة الجوف مرتبطة إدارياً وتنظيمياً وأكاديمياً بجامعة الملك سعود؟ - تعتبر جامعة الجوف محظوظة مقارنة بالجامعات الأخرى، مع احترامي لبقية الجامعات السعودية، لارتباطها بجامعة الملك سعود، لأنها الجامعة الأم للجامعات السعودية، وسيظل ارتباط جامعة الجوف بجامعة الملك سعود من الناحية الأكاديمية مهماً جداً لبناء جامعة قوية، فجامعة الملك سعود لديها خبرات تعليمية وأكاديمية كبيرة، ولديها أيضاً أكبر تجمع من الخبراء والعلماء والتخصصات مقارنة بجامعات المملكة الأخرى. وهناك فريق علمي زائر من جامعة الملك سعود يقوم بزيارة جامعة الجوف، يلتقي الطلاب والأساتذة، ويتأكد من جودة تأهيل عضو هيئة التدريس، وقياس جودة المقررات والمناهج، لضمان الجودة الأكاديمية، لأننا في عصر الجودة، فلا يعني حصول الطالب على درجة البكالوريوس الحصول على الوظيفة آلياً، بل سيجد المتخرج تنافساً في موقع العمل. وسيتم فك الارتباط مع جامعة الملك سعود تدريجاً، بما لا يؤثر في العملية التعليمية وجودتها. هل توجد نية لافتتاح كليات نظرية في جامعة الجوف؟ - بالنسبة إلى عقد الجامعة من الكليات فقد العلمية اكتمل، والجامعة رفعت مذكرة لمجلس التعليم العالي لإقرار واستحداث كلية للعلوم الإنسانية والإدارية في مقر الجامعة في مدينة سكاكا، وكلية للعلوم والآداب في محافظة القريات، وكلية للمجتمع في مركز طبرجل، لعدم وجود كلية للعلوم الإنسانية والإدارية في مناطق شمال المملكة. ونأمل بأن تبت في أقرب وقت بناءً على الحاجة الفعلية، بما يخدم سوق العمل في المنطقة. متى سيتاح للطلاب والطالبات إكمال دراستهم العليا في جامعة الجوف؟ - الدراسات العليا طموح يراود الكثير من أبناء وبنات المناطق الشمالية للمملكة، لعدم وجود برامج للدراسات العليا في هذه المناطق، والجامعة في طور التأسيس والبناء، وحين يكتمل بناء الجامعة، سيوضع موضوع الدراسات العليا في جامعة الجوف في الاعتبار. لكن من جهة أخرى، من المتعارف عليه أكاديمياً أن برامج الدراسات العليا لا تبدأ في الجامعات إلا بعد أن تكون كليات الجامعة خرّجت مجموعة كبيرة من الطلاب والطالبات، وأصبحت لديها خبرة وتجربة جيدة. بعد انضمام كليات المعلمين لوزارة التعليم العالي، هل ستدمج كلية المعلمين في الجوف مع جامعة الجوف؟ - كلية المعلمين خّرجت مجموعة مميزة من المعلمين، وفي حال انضمامها إلى جامعة الجوف سيطبق عليها ما يطبق على كليات الجامعة المختلفة من برامج أكاديمية. هل وجدت الجامعة مباني سكنية موقتة مناسبة كمقار لكليات الجامعة؟ - واجهت الجامعة صعوبة في إيجاد المباني المناسبة لمقار الكليات، كون الجامعة في منطقة لا يتوافر فيها كثير من المشاريع العمرانية الكبيرة، مثل ما تتوافر في المدن الكبرى، لكن الجامعة تلقت دعماً كبيراً من أمير المنطقة الأمير فهد بن بدر بن عبدالعزيز في هذا الجانب، وحصلت على بعض المباني الحكومية والخاصة، وعلى رغم هذه الصعوبات بدأت الدراسة في أربع كليات، وأمامنا كلية الطب التي نتوقع أن تستقبل الطلاب والطالبات قريباً.