قال الكاردينال نصر الله صفير ان البطريرك الماروني بشارة الراعي «يقول ما يجب قوله»، محذراً من أنه «اذا طلب المسيحيون الحماية، فإن سواهم سيطلب حماية أخرى وتقع الواقعة». وقال صفير في حديث الى «صوت لبنان» أمس، إن «لبنان حافظ حتى اليوم على نظامه، وسيحافظ عليه إذا ظلت الأمور على ما هي، لكن هناك طبعاً متغيرات، فالطوائف كثيرة في لبنان، وطوائف تطغى على طائفة أخرى، إنما يجب أن يكون هناك تعاون بين جميع الطوائف ليبقى لبنان على ما هو». وعلق على الحديث عن تأمين حماية للوجود المسيحي في الشرق، مؤكداً أن «الله يحمي لبنان ويحمي المسيحيين فيه، لكن الحماية إذا طلبها المسيحيون فإن سواهم يطلب حماية أخرى وتقع الواقعة، ولذلك إن المسيحيين يحميهم القانون وتحميهم الدولة، وهم يحمون نفوسهم بنفوسهم». وعن مواقف البطريرك الراعي، قال: «نحن لا نتعرض لما قاله صاحب الغبطة وهو يقول ما يجب قوله، ولذلك نحن مع ما يقوله ولسنا ضده. أنا كنت بطريركاً، لكنني قدمت استقالتي، فأصبحت خارج اللعبة». وتابع: «لي رأيي، وأدلي به داخل مجلس البطاركة». وحول ما اذا كانت مواقف الراعي اتت بتوجيهات من الفاتيكان، قال: «لا أعرف. هو من ذهب الى الفاتيكان وقابل قداسة البابا، وهو يتلقى المراسلات التي تأتيه من الفاتيكان ومن سواه». وختم مؤكداً ان «بكركي كانت وبقيت على ما هي، فهل ستتغير الآن؟ لا أدري، لكن لا أظن أنها ستتغير. بكركي باقية كما عهدها اللبنانيون». وكان صفير شارك مساء اول من أمس في احتفال توقيع الزميل جوزيف الياس كتابه «كي لا ننسى 20 أيلول 2000 وما بعد»،، في حضور ممثل عن الرئيس السابق أمين الجميل، النائب انطوان زهرا ممثلاً رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع، رئيسة لجنة التربية والثقافة النيابية بهية الحريري، النائب أكرم شهيب ممثلاً رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط، والنائب مروان حمادة ممثلاً «الشهداء الأحياء». وقال صفير: «مرت علينا وعلى الشعب اللبناني أيام لا نخشى من وصفها بالسود، لكننا تجاوزناها بنعمة الله وهدايته. ولا نريد العودة اليها»، سائلاً الله أن «يجود علينا بأيام خير من هذه الأيام البائسة، لكنها على بؤسها تظل خيراً من أيام سوانا ممن هم حولنا، سواء أكانوا على مسافة بعيدة منا أم قريبة». وأمل بأن «يؤتي الله الشعب اللبناني أياماً يعودون فيها جميعاً الى وطنهم لبنان، والى بعضهم بعضاً على اختلاف انتماءاتهم الوطنية وتوجهاتهم السياسية». وكان تحدث زهرا، وقال: «هناك من بهرهم النور وإلى الظلمة يحاولون إعادتنا. ومشرع بناء الدولة وبسط سلطتها بقواها الشرعية يعرقلون، وتحقيق العدالة وكشف القتلة وإدانتهم يرفضون. وامتهان السيادة واستباحة الأرض يسهلون. وتقاسم المغانم وتوزيع المكاسب يمارسون وهم في العفة يحاضرون. وبطش الأنظمة وقهر الشعوب يدعمون». بهية الحريري ثم تحدثت الحريري فوصفت صفير بأنه «قديس الوحدة الوطنية الذي سخر إيمانه وأيامه من أجل سيادة لبنان واستقلال لبنان». وذكرت بتأثر بشهداء «ثورة الأرز»، وقالت: «انتصارنا لحرية الرأي والعدالة والتقدم والديموقراطية وقول الحق في حضرة سلطان جائر، هذه السمات التي جسدها الشهيد سمير قصير، هي التي تصدح الآن في كل ساحات الربيع العربي لتجعل من شهادته وفكره وإرادته منارة لإرادة التغيير في كل الساحات العربية». وشددت على أن «القيادة هي تجاوز كل التعقيدات والموروثات التي لا تحقق كرامة الإنسان وعزته، وحريته، وحقه بالعيش بكرامة وأمان، وبإزالة القهر والتسلط والطغيان بين أبناء الوطن الواحد، وبين الكبار والصغار. إن هذه المعاني التي حملها الشهيد القائد المقاوم جورج حاوي على مر عقود، يعلم الأجيال الحرية والقيادة والمسؤولية معاً». وأكدت أن «التزام العدالة بما هي سبيل للحياة ومن خلالها وحدها تصان الحقوق وتبنى الأوطان والعدالة هي جوهر الأديان، وجوهر الدساتير والقوانين». ثم ألقى حمادة كلمة استهلها بوصف صفير ب «بطريركنا الدائم»، وتحدث عن «ارتباط سيرة البطريرك الجليل بحركة الاستقلال الثانية في لبنان التي أطلقها وشهد لها وأرفدها البطريرك بأقواله وأعماله كما بجرأته وحكمته، لم يذعن لتهديد، لم يتساهل مع انحراف، لم يخضع لابتزاز، لم يخش سلاحاً ولم يساير طاغية». ولفت الى أن «ما عشناه في عهد البطريرك صفير صفحة ناصعة من تاريخ لبنان الحديث تضرب جذورها في القرون والألفيات الماضية لتزهر شهادة للحرية والحق في زمن القهر والقتل. فإذا كان البطريرك حويك بطريرك لبنان الكبير فالبطريرك صفير بطريرك لبنان العزيز، الحر، السيد، المستقل، التعددي، المنفتح الأمين على الأرض والشعب والمؤسسات. هذا هو المثلث المذهب الحقيقي الذي ينفي ويناقض مثلث الهيمنة الذي يخلط مصير الشعب بعسكرية ضيقة وبفئوية مسلحة أو بحزبية شمولية تحمل أسماء رنانة، لا يرن فيها إلا الفضة الاقليمية والرصاص المذهبي». وأضاف مخاطباً صفير: «أنت شاهد للديموقراطية عند افتقادها في لبنان ومحيطه».