تعتمد العلاقات السعودية - الإيطالية على تطوير المصالح الاقتصادية في ما بينهما، إضافة إلى التنسيق المتواصل في القضايا السياسية، خصوصاً تجاه القضية الفلسطينية وبقية قضايا المنطقة والعالم. إذ تلعب إيطاليا دوراً مهماً في الاتحاد الأوروبي، وتستعمل ديبلوماسيتها لحل الأزمات. كما أصرت أخيراً على الدخول بطاقتها كاملة في القوات الدولية في لبنان يونيفيل عقب حرب تموز يوليو 2006، وما سبقها من استضافة روما مؤتمراً دولياً لوقف العدوان الإسرائيلي على لبنان. وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز استقبل رئيس الوزراء رومانو برودي في العاصمة الرياض منتصف نيسان أبريل الماضي. وهي الزيارة التي سعى فيها برودي إلى تطوير علاقة روما - الرياض المبنية كثيراً على أواصر الاحترام المتبادل وتقدير دوري البلدين في محيطيهما. ويعمل خادم الحرمين الشريفين منذ سنوات على الإفادة الكاملة من الصلات الثنائية مع دول العالم شرقاً وغرباً، وفي ذهنه مصلحة الإنسان السعودي واستثمار ثرواته الطبيعية المتنوعة، وتطويرها بالشراكة مع صناعات وعلوم وتقنيات الدول الصناعية. وفي هذا السياق، كان برودي حريصاً على توضيح قيمة المملكة العربية السعودية في المجتمعين الإقليمي والدولي، مشدداً خلال زيارته لمجلس الشورى على أن بلاده تقدر للمملكة"دورها الفاعل في منطقة الشرق الأوسط، وسياساتها المتوازنة في مختلف الصعد، وجهدها الدؤوب لإرساء قواعد الحوار والسلام والرخاء في العراق وفلسطين ولبنان". مشدداً على رؤيته بأن"على البلدين والشعبين مواجهة التحديات المتمثلة في الصراع العربي - الإسرائيلي القائم في المنطقة، والتقنيات الجديدة المرتبطة بالاستخدام النووي، والصراعات الطائفية، وسوء الفهم بين العالمين الإسلامي والغربي". وقال:"إن تلك الأمور تحتّم مضاعفة الجهد لإرساء الحوار لمصلحة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتكريس الجهود لتعم مبادئ الحوار والتسامح. مبدياً استعداد بلاده للمشاركة في تنمية الطاقات البشرية والتنموية في المملكة، وتعزيز التعاون الثقافي ليشمل مجالات التعليم العالي، إضافة إلى التعاون القائم حالياً في مجال الطاقة. من جانبه، كان وزير الخارجية ماسيمو داليما ضيفاً في العاصمة الرياض على وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل مطلع العام الحالي، في سياق نشر الاستقرار والأمن في قضايا المنطقة، خصوصاً لبنانوالعراق، وأزمة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية. وطبقاً للفيصل، فإن المحادثات كانت"معمقة وبناءة"، مشيراً إلى أنها"تناولت العلاقات الثنائية في إطار اللجنة السعودية - الإيطالية المشتركة، التي تُوجت بتوقيع اتفاق تفادي الازدواج الضريبي بين حكومتينا، تعزيزاً للروابط التجارية وتشجيع الاستثمارات في ظل حجم التبادل الاقتصادي والتجاري بين البلدين، ونتطلع إلى استمرار هذا التعاون وتعزيزه، والدفع به لآفاق أرحب في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية كافة، إضافة إلى ترحيبنا بتعزيز التعاون الأمني، وسيقوم وزير الخارجية الإيطالي بالاطلاع من قبل جهات الاختصاص على الجهود والإجراءات الأمنية القائمة في المملكة". وهنا كان السفير الإيطالي أعلن عن اتفاق أمني ثنائي يجمع جهد البلدين في مكافحة الإرهاب والجرائم الدولية الكبرى، خصوصاً غسيل الأموال وتهريب المخدرات. واعتبر ماسيمو داليما أن علاقات بلاده بالرياض"ممتازة"، متطلعاً إلى مراحل تعاون مثمرة مقبلة، لما يمتلكه البلدان من نقاط قوة في المجال الاقتصادي. إذ يمتلك السعوديون ثروات طبيعية استراتيجية واسعة التنوع، فيما يمتلك الإيطاليون تقنيات وصناعات ثقيلة، يمكنها استثمار الثروات الطبيعية مع إفادة الكوادر السعودية بنقل الخبرات لها. وقال داليما، في حينه:"أعتقد أن إيطاليا والمملكة العربية السعودية، فضلاً عما يطورانه في ما بينهما من علاقات إيجابية على المستويات الثنائي والسياسي والاقتصادي والثقافي ...، فإنهما ملتزمتان معاً بمواجهة الأزمات المأسوية الصعبة التي تجتاح هذه المنطقة". ورأى أنه"لبدء عملية إحلال الاستقرار والسلام في هذه المنطقة، نحن على قناعة بأن الوسيلة الأنجع والأنسب لمواجهة ومكافحة الإرهاب هي أن نقوم بهذا معاً، بتشجيع أوسع تعاون ممكن من قبل المجتمع الدولي، بعزل الإرهاب، وبمواجهة المسائل والقضايا المفتوحة".