مثل كل مناسبات التأبين، لم يملك أصدقاء الأديب الراحل عبدالله نور، في اللقاء الخاص الذي نظمه نادي الرياض الأدبي،مساء الأحد الماضي، سوى تذكر نتف من حياته معهم، أو بالأحرى إعادة تذكر محطات من حياتهم مع الراحل، وكيف كانت تبدو هذه المحطات في عيني الراحل. باختصار كان الراحل، مجرد مرآة أطل هؤلاء من خلالها على أنفسهم، على لحظات من تاريخهم الشخصي معه. فهل كانوا يحتفلون بلحظة وقفوا فيها إلى جانب شخصية تنبع مفرداتها من سلوكها الشخصي، أو من إيقاع حياتها، الذي لا يعترف بالمتن ولا بالمركز؟. من خلال مداخلات الروائي إبراهيم الناصر، الذي لم يفهم أحداً ماذا قال، لعدم وضوح صوته الذي بدا متعباً، وكان الأجدر لو أنه أعطى ورقته لآخر كي يقرأها، والشاعر محمد جبر الحربي، والكاتب الصحافي عبدالله بخيت، والدكتور محمد آل زلفة، والناشر عبدالله الماجد، والأديب عبدالله الشهيل، وسواهم، من خلال المداخلات، كان أكثر ما يبهر في شخصية الراحل هو تمرده على المجتمع وتقاليده، هو ذلك الهامش الذي كان يعيش فيه، بكل ما تعنيه كلمة هامش، فلم يتحدث أحد عن مخطوطات كتب، أو دراسات بعينها، أو أبحاث أثرت في المشهد الثقافي، وكان معظم الحديث عبارة عن مواقف شخصية، بعضها ضاحك، وبعضها يبعث على الحزن، وبعضها يدعو إلى الزهو، خصوصاً في بيئة فقيرة ثقافياً في مرحلة باكرة من تاريخها. وتحدث الدكتور سعد البازعي عن عبدالله نور، كواحد من أساتذته، وخلع عليه صفة"مثقف الصحراء"، مشيراً إلى الثقافة العالية التي كان يتميز بها الراحل، في جمعه بين التراث والحداثة. الشاعر الحربي تناول العلاقة الشخصية والحميمة التي ربطته بعبدالله نور، وتطرق إلى أسف الأخير واعترافه بأنهم ظلموه، عندما انحازوا إلى شاعرية عبدالله الصيخان وسواه، ثم تكلم عبدالله بخيت، وكيف أنه عندما كان يأتي إلى النادي يتوقع بين وقت وآخر إطلالة عبدالله نور، وأنه لم يستوعب أن يأتي ولا يجده. وأشار الماجد إلى حب الراحل للقراءة، وجمع الكتب الجيدة. ودعا الشهيل إلى الاهتمام بتراث الراحل، ولا بد من مؤسسة رسمية تعنى بهذا التراث وتصدره، وذكر أن الوطن العربي يخلو من الفلاسفة، وإن ما يوجد من أسماء هم مشتغلون بالفلسفة وليسوا فلاسفة، مثل محمد عابد الجابري، وعبدالله العروي وسواهما، لأنه لا توجد لدى هؤلاء رؤية ولا منهج، وبناءً عليه اعتبر عبدلله نور الفيلسوف الوحيد في الوطن العربي، لأن لديه منهجاً ورؤية. أستاذ التاريخ الدكتور آل زلفة، تحدث أيضاً عن شهرة وصيت عبدالله نور، بالنسبة إلى الطالب الجامعي الذي كانه، ثم سرد كيف التقاه في مجلة"العرب"عندما ذهب لمقابلة الشيخ حمد الجاسر. وطالب ابن الراحل عبدالرحمن بأن يفعل المثقفون السعوديون أفضل مما فعل والده، كما عرج على إدراك والده ووعيه بالكثير من مواطن الضعف في الأمة العربية. كما ألقى عدد من الشعراء قصائد رثاء في الراحل، وكان النادي عرض مقاطع من محاضرة مسجلة في شريط فيديو، كان الراحل ألقاها في"أدبي الرياض"قبل نحو عشر سنوات.