تستحق مباراة الهلال والاتحاد أن نطلق عليها قمة الحماسة، وقمة الإثارة والتصميم، ونحن نرى نجاح اللاعبين في تطبيق تعليمات مدربي الناديين بحذافيرها، بخاصة في ما يتعلق بالجوانب التكتيكية التي انتهجها كلا الطرفين إلا أن كليبر مدرب الهلال ظفر بنتيجة اللقاء في النهاية لتعامله ورؤيته الجيدة لمجريات دقائق أشواط المباراة الأربعة واختياره الموفق للبديلين سلطان البرقان وعبدالله الجمعان وإشراكهما في الأوقات المناسبة. وعلى رغم ظهور الظهير الأيسر في الفريق الاتحادي مشعل السعيد بمستوى متواضع في مباراة الأهلي إلا أن إشراكه من قبل الفرنسي ميتسو عطل فاعلية ونشاط الجهة اليسرى في الاتحاد وأرغم لاعبيه على التركيز على الجهة اليمنى التي عانت في النهاية ووقعت في هفوات جراء الإرهاق وفقدان التركيز. شوط انضباطي كانت التعليمات والتوصيات التكتيكية من مدربي الفريقين ميتسو وكليبر واضحة المعالم مع مطلع الشوط الأول الذي اختفت فيه الخطورة الفعلية ومعها فرص التسجيل نتيجة محاولة كلا الفريقين فرض رقابة صارمة على أهم مفاتيح الخطورة وذلك بتكثيف منطقة المناورة بأكبر عدد ممكن من اللاعبين، واللافت في هذا الشوط هو نجاح محوري الارتكاز في الهلال خالد عزيز والغامدي في عزل محمد نور عن مهاجمي الفريق كالون وبرنس على رغم أن الأول وجد كثيراً في منطقة الوسط وبالغ في العودة والهرب من الرقابة وحاول تشكيل ثنائي مع نور خلف برنس إلا أن هذا التوجه فشل في ظل تفوق لاعبي الهلال في الضغط على حامل الكرة في شكل أخفى ملامح أي خطورة على الحارس محمد الدعيع. ويحسب لدفاع الهلال نجاحه في إخفاء المساحات لبرنس وكالون ونور لمعرفتهم المسبقة أن أهم مميزات هذا الثلاثي هي تعامله الخطر مع أي فراغات أو مساحات لتفوقه الدائم في عنصري السرعة والمهارة. وعلى رغم ضعف الرقابة القوية من قلبي الدفاع الاتحادي على المهاجم الوحيد ياسر القحطاني إلا أنه حاول استغلال وجودهما على خط واحد في بعض الهجمات، ولكن لضعف المساندة من الشلهوب وكماتشو وجدت هذه المحاولات طريق الفشل. وبذل اللاعبون في هذا الشوط مجهوداً مضاعفاً نتيجة التعليمات الصارمة وهذا ما جعل الشوط يستحق لقب شوط الانضباطية والحرص. شوط متذبذب جاءت عودة لاعبي الفريقين عقب استراحة بين الشوطين تحمل مدلولات تسجيل أحدهما هدف السبق خصوصاً أن البداية أشعلها القحطاني 47 عقب نجاحه في استغلال الخلل في العمق"الأصفر"وحصل بموجبه المنتشري على البطاقة الصفراء نتيجة ارتكابه خطأ تكتيكياً ضد القحطاني، وأعقبه كذلك المدافع تفاريس بإهداره هدفاً محققاً من ركنية في الدقيقة 47، هذه الخطورة المبكرة أرغمت ميتسو على التدخل وكان على حساب برنس"المختفي"في هذه الدقائق، وزجّ بسعد الحارثي 68 بديلاً ليلعب بورقة العامل النفسي وكذلك لإيجاد لاعب سريع ونشيط يقوم بدور الهجمة المرتدة على الجهة اليسرى، إلا أن كليبر تنبه متأخراً لمشكلة يعانيها الفريق من بداية المباراة ويعتبر الفريق فاقداً لاعباً في وسط الملعب في وجود جيوفاني إلا أن هذا التبديل المتأخر 73 أعطى قوة إضافية للوسط الأزرق بالزج بسلطان البرقان إلى جانب عزيز والإيعاز إلى عمر الغامدي بالتمركز في الوسط الأيمن والقيام بدورين مزدوجين دفاعاً بمراقبة مناف أبو شقير وهجوماً بفتح مساحات أمام الخثران ومساندته، وهذا التبديل أجبر الشلهوب على البقاء في الجهة اليسرى ما جعل تبادل المراكز مع كماتشو يتوقف وإعطاء لاعبي الاتحاد فرصة الاستحواذ والتقدم إلى مناطق الهلال في ظل غياب عنصر المباغتة وتبادل المواقع الذي عانى منه الاتحاديون كثيراً، ووضح مع دقائق ربع الساعة الأخير من هذا الشوط تأثر لاعبي الفريق بفقدان المخزون اللياقي نظير الجهد الكبير المبذول داخل ملعب المباراة حتى انقضت الدقائق المتبقية من هذا الشوط من دون أن يصل أحدهما إلى شباك الآخر. شوط الإثارة إصرار القحطاني على إحراج قلبي الدفاع الاتحادي تحقق بالفعل في وقت باكر 93 من الشوط الإضافي الأول ليجد مبروك زايد نفسه مجبراً على إصلاح خطأ زميليه بخطأ آخر كانت معه الزيارة الأولى لشباكه من ركلة الجزاء التي تصدى لها الشلهوب بنجاح. هنا بدأت الحسابات تتغير لدى ميتسو الذي أشرك سعد العبود 98 بديلاً لمشعل السعيد في تغيير مماثل لكليبر مع جيوفاني وهو ما أعطى قوة هجومية للجهة اليسرى حتى جاءت نقطة تحول كبرى في المباراة 100 برفض رضا تكر هدية زميله المنتشري وإهدار هدف تعادل محقق قد يكون مؤثراً في قلب موازين هذه المباراة، حتى وقع المنتشري والدوخي في خطأين فادحين كلفاهما هدفاًً ثانياً 104 من الشلهوب الذي يجيد اصطياد مثل هذه الأخطاء الفادحة ومن ثم يصعب المهمة على ميتسو ولاعبيه في ربع الساعة الأخير من دقائق هذه المباراة. شوط الجرأة وضعية فريق الاتحاد الصعبة مع التأخر بهدفين وضعت ميتسو أمام حل وحيد وهو استغلال ربع الساعة المتبقي باستخدام الجرأة بالهجوم وحده وهو ما أجبره على الاستغناء عن سويد لاعب الوسط وإحلال الخبير حمزة إدريس لعل وعيسى أن يعود إلى المباراة بهذا الوضع الهجومي المكثف ولكن غير المنظم، على رغم تقليص الفارق إلى هدف إثر تفوق نور على مدافعي الهلال ووضعه الكرة بإتقان داخل شباك الدعيع إلا أن الحماسة والإصرار قادا الفريق الأزرق في النهاية إلى المحافظة على النتيجة النهائية. ومن المؤثرات الإيجابية للفريق الهلالي نجاح وتألق لاعب محور الارتكاز خالد عزيز في إخفاء محمد نور طوال دقائق المباراة، ما أفقد الفريق"الأصفر"الكثير من الخطورة التي يمثلها نور بخاصة في الشق الهجومي.