يتحدد مساء اليوم الطرف الثاني لنهائي كأس دوري خادم الحرمين الشريفين لكرة القدم عندما يلتقي فريقا الهلال والاتحاد على استاد الملك فهد الدولي في الرياض في أمسية كروية غير قابلة لأنصاف الحلول، ولا بد من تأهل أحدهما وتوديع الآخر للمسابقة خالي الوفاض. وسبق للفريقين أن التقيا في الموسم الماضي في المرحلة ذاتها وكسب الهلال الجولة بهدف من دون رد، وكلاهما أعد العدة لهذا المعترك الصعب الذي تتوقع له الإثارة والندية عطفاًَ على ما يضمه الطرفان من نجوم دوليين ومحترفين على مستوى عال من الكفاءة، وكلاهما يعيش احتفالية خاصة، فالهلال لا يزال جمهوره يتغنى ببطولة كأس ولي العهد والخماسية في شباك ماشال الأوزبكي في الاستحقاق الآسيوي. والاتحاد يعيش نشوة إقصاء غريمه التقليدي الأهلي من المسابقة بثلاثية نظيفة، وتكاد تكون الأوضاع الفنية متقاربة من حيث جاهزية العناصر وكفاءة الخطوط ووجود البديل المناسب. واعتادت الجماهير السعودية عامة وجماهير الفريقين خاصة على الاستمتاع في مثل هذه اللقاءات التي تحمل في طياتها الشيء الكثير من فنون اللعبة، وتسبق لقاءاتهما موجة من تصريحات التحدي وتأكيد القدرة على تحقيق الفوز. ومن المنتظر أن تمتلئ جنبات استاد الملك فهد الدولي بالجماهير الغفيرة باكراً لما يملكه الطرفان من شعبية جارفة في كل مناطق المملكة إضافة إلى التسهيلات التي تكفلت بها الإدارتان من حافلات وتذاكر مجانية الهدف منها شحذ همم الجماهير للمؤازرة والمساندة. وما يميز لقاءاتهما الإيقاع السريع والبحث الجاد عن هز الشباك بعيداً من الأساليب الدفاعية التي تقتل المتعة الكروية متسلحين بكوكبة من النجوم البارزة ذات الصفة الدولية. الهلال صاحب الأرض والجمهور وصل إلى المباراة كونه الوصيف وهذا ما يعطيه أحقية اللعب داخل قواعده، ويتطلع أفراده إلى بلوغ المباراة النهائية والمحافظة على اللقب، وفرض مدربه البرازيلي كليبر السرية التامة على تدريبات فريقه وقابلته الإدارة بمنع اللاعبين من التصريحات الصحافية في خطوة لإبعاد اللاعبين من الضغوط النفسية. ولدى كليبر أجندة مليئة بالأوراق الرابحة التي تحتاج إلى التوظيف المناسب، ويعتمد في اللقاءات الحاسمة على امتلاك منطقة المناورة بأكثر عدد من اللاعبين والاكتفاء بمهاجم واحد فقط، حيث يوجد في خط الوسط الرائع نواف التمياط صاحب المجهود السخي والبرازيلي كماتشو كصانع لعب ومنفذ بارع للكرات الثابتة وله بصمة إيجابية في المباريات الكبيرة، وعلى اليسار يتحرك محمد الشلهوب بمهارة فردية عالية تمكنه من الوصول إلى منطقة الخطر من أقصر الطرق، بينما يتفرغ خالد عزيز لمساندة متوسط الدفاع وتوكل إليه مهمة تعطيل حركة محمد نور، وقد يستعين كليبر بسلطان البرقان إلى جوار عزيز لإعطاء الحرية التامة للتمياط والشلهوب في التحرك داخل أرجاء المستطيل الأخضر وانطلاق التمياط في غالبية الأحيان إلى جوار ياسر القحطاني في خط المقدمة الذي سيكون وحيداً في بداية النزال، مع الاستعانة بالجابر والجمعان أو جيوفاني في الحصة الثانية على حساب أحد لاعبي الوسط. وتكاد مشاركة ظهيري الجنب في الشق الهجومي تكون محدودة نظراً إلى قوة وسرعة مهاجمي الخصم، وتظل منطقة متوسط الدفاع تعاني البطء في تخليص الكرات وسوء التعامل مع العرضيات التي دائماً ما يتدخل محمد الدعيع لإنقاذ الموقف. وفي شكل عام فإن الخطوط الزرقاء تلعب بانسجام جيد وتعامل مثالي في بناء الهجمات من كل الاتجاهات من خلال إجادة الكرات البينية القصيرة والانطلاقات السريعة يميناً ويساراً. وعلى الطرف الآخر وصل الاتحاد إلى هذه المرحلة بعد عبوره الأهلي في المباراة الماضية، ويسعى مدربه الفرنسي ميتسو إلى إظهار فريقه في الصورة المنتظرة وتأكيد أحقيته في المنافسة على لقب البطولة. ويعتمد في أسلوبه الفني على الانطلاق السريع للسيراليوني محمد كالون والغاني البرنس تاغو ومن خلفهما القلب النابض محمد نور. ويبني ميتسو خططه الفنية على تحركات هذا الثلاثي الخطر، فكالون مهاجم صعب ويتعامل مع أنصاف الفرص بعقلانية ومهارة عالية ويعرف طريق المرمى جيداً وزميله الغاني البرنس تاغو يجيد التركيز السليم الذي يجعله صاحب اللمسة الأخيرة تجاه مرمى الخصوم. ومتى ما تحرك نور كما يجب فسيكون الإمداد وفيراً لثنائي المقدمة ومن المؤكد أن مدرب الهلال كلف عزيز بملازمة نور وعزله عن بقية الخطوط لإدراكه الثقل الذي يمثله في صفوف"العميد"، وهناك تحركات جيدة لمناف أبو شقير وإبراهيم سويد، فيما يقوم الجندي المجهول سعود كريري بأدوار مزدوجة بين الدفاع والهجوم، وظهيرا الجنب أحمد الدوخي وعدنان فلاتة لهما مشاركة إيجابية في الشق الهجومي وهما من عوامل قوة الهجمة الاتحادية وإن كان هناك بعض الشكوك حول مشاركة الدوخي لتعرضه للإصابة، وفي حال غيابه سيكون الخيار الأمثل مسفر القحطاني. ويملك ميتسو سداً منيعاً في خط المؤخرة في وجود حمد المنتشري ورضا تكر ومن خلفهما الحارس اليقظ مبروك زايد، ومن الصعب الوصول إلى الشباك الاتحادية بالأساليب السهلة، ولا بد لمهاجمي"الأزرق"من مساندة خط وسطه لكسر الحصون الدفاعية التي يمثلها هذا الثلاثي. عموماً... اللقاء كبير وكبير جداً والجماهير على موعد مع الإثارة والندية، وتبقى الكلمة العليا لمن يستثمر أفراده الفرص التي ستتاح.