احتفت باكستان الرسمية والشعبية أمس بوصول ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران المفتش العام الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وتقدم الرئيس برويز مشرف ورئيس الوزراء شوكت عزيز مستقبلي الأمير سلطان عند سلم الطائرة. وتأتي زيارة ولي العهد تلبية لدعوة رسمية من القيادة الباكستانية، امتداداً لزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لباكستان، في كانون الثاني يناير الماضي. راجع ص 2و10 ووصل الأمير سلطان إلى العاصمة إسلام أباد مصحوباً بمقاتلتين من طراز"أف 16"منذ لحظة دخوله الأجواء الباكستانية، كتحية خاصة لمقدمه في ثالث زيارة لباكستان. وفي أرض المطار أطلقت المدفعية 21 طلقة. بدورها كانت الشوارع المؤدية إلى المطار مليئة باللافتات المنصوبة للترحيب بالضيف، وأخرى فيها صور خادم الحرمين الشريفين وولي عهده، إلى جانب صور القادة الباكستانيين. وخرجت حشود كبيرة من الباكستانيين بينهم طلاب المدارس إلى الطرقات المؤدية من المطار إلى مقر إقامة ولي العهد السعودي في قصر البنجاب. واختارت أكبر الصحف الوطنية عنوانها الرئيسي عن علاقات البلدين قائلة:"علاقتنا بالسعوديين أعلى من جبال الهملايا". ويجري الأمير سلطان محادثات رسمية وصفت ب"المهمة"مع الرئيس مشرف ورئيس وزرائه عزيز، إضافة إلى محادثاته مع وزير الدفاع الباكستاني راو اسكندر. وأقام الرئيس الباكستاني برويز مشرف مأدبة عشاء رسمية على شرف الأمير سلطان بن عبدالعزيز والوفد المرافق. وألقى ولي العهد كلمة على هامش حفلة العشاء قال فيها:"لم تبق لي كلمة أقولها في العلاقات المميزة والطيبة بين الدولتين والشعبين، ولكنني أقول في هذا الجمع المبارك، إن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يقدر هذه البلاد وقيادتها، ويحترم هذا الشعب الأبي". وأشار إلى"إصرارنا على التعاون اقتصادياً وثقافياً وسياسياً". وأضاف أن المملكة العربية السعودية لن تتردد في التعاون في هذه المجالات، وتطوير العلاقات إلى أفضل مستوياتها الممكنة. وأشار إلى أن العلاقات السياسية بين البلدين"ليست وليدة، بل إنها راسخة منذ أن استقلت باكستان وعملت على رفعة الإسلام في هذه المنطقة، وهو ما يدل على التعاون والتفاني الإسلامي بين البلدين". وختم بقوله:"الله يحفظ باكستان شعباً أبياً يعمّق التعاون بين كل البلدان الإسلامية". وكان مشرف رحب بولي العهد السعودي في حفلة العشاء، لافتاً إلى أهمية الزيارة التي أعقبت زيارة خادم الحرمين الشريفين أخيراً، وقال:"إن باكستان تقدر الدور الذي تلعبه المملكة لما فيه رفاهية العالم الإٍسلامي، والوقوف معه في قضاياه المصيرية". وأضاف:"إننا في باكستان ندعم السياسة السعودية تجاه كل القضايا الإسلامية، ونحن حريصون كل الحرص على تعميق وتوطيد العلاقات في المجالات كافة". وأعرب عن رغبة بلاده واستعدادها لإقامة شراكة أكثر عمقاً في مجال الدفاع، وكل ما يحفظ أمن البلدين واستقرارهما. مؤكداً أن باكستان تقدر الجهود السعودية التي قدمتها في صورة مساعدات ومعونات، هي الأعلى من نوعها لضحايا الزلزال. أعقبت ذلك حفلة"الفلكلور"الشعبي الباكستاني. وقال مسؤولون في إسلام آباد ل"الحياة"، إن المحادثات ستشمل كل ما له علاقة بتعزيز الروابط الثنائية، إضافة إلى مستجدات الوضع في المنطقة خصوصاً، وتطورات العالم عموماً. وأكد المسؤولون أن زيارة الأمير سلطان امتداد لما حققته الزيارة التاريخية الأخيرة للملك عبدالله بن عبدالعزيز، مما يدعم توطيد روابط الأخوة بين الشعبين. وأشاروا إلى"حاجة باكستان إلى المواقف السعودية المتزنة وثقلها السياسي والاقتصادي، وزعامتها في العالم الإسلامي". ويسعى الباكستانيون إلى الوصول بالعلاقات الاقتصادية لبلادهم مع السعودية إلى مستوى العلاقات السياسية المميزة بينهما من خلال رفع مستوى التعاون في المجال الاقتصادي، وفتح الفرص التجارية الفعلية، واستغلال المجالات الاستثمارية الواسعة لزيادة حجم التجارة بين البلدين. بدوره، أكد السفير السعودي لدى إسلام أباد علي بن سعيد بن عواض عسيري، أن الأمير سلطان ستجمعه محادثات مع القيادة الباكستانية:"لتبادل الأفكار والرؤى حول مواضيع عدة، من ضمنها الحرب على الإرهاب. وستتطرق المحادثات إلى جميع القضايا التي تهم الطرفين، خصوصاً في المجال الدفاعي". وقال السفير عسيري:"إن الزيارة التاريخية للأمير سلطان، وتوقيتها الذي يأتي بعد فترة قصيرة من الزيارة المهمة والمثمرة التي قام بها الملك عبدالله إلى باكستان أخيراً، يعكسان أهمية العلاقات الثنائية وعمقها بين البلدين". وأضاف"إنها تعبير صادق عن الحب الذي تُكنه القيادة السعودية وشعبها لقيادة باكستان وشعبها. وبالوضع في الاعتبار أن زيارة الأمير سلطان هذه ليست الأولى إلى باكستان، فإن هذا يؤكد مدى أهمية وخصوصية العلاقات السعودية - الباكستانية لديه". وتحدث السفير السعودي عن"أن تلك العلاقات تتميز بالاتفاق على الرأي حول المشكلات التي تواجه العالم أجمع عموماً، والتي تواجه الأمة الإسلامية خصوصاً. وهناك مشاورات دورية بين الدولتين، للتأكيد على وحدة الأفكار والآراء، ما يعود بالفائدة المشتركة عليهما، وعلى الأمة الإسلامية والعالم أجمع". وأكد عسيري أن بلاده"أصبحت من أكبر المستثمرين في باكستان، وهذا يعتبر مؤشراً الى ثقة المستثمرين السعوديين باستقرار الاقتصاد الباكستاني وبيئته التجارية، ما يساعد على ازدهار التبادل التجاري بين الدولتين". وقال:"يتعين على رجال الأعمال الباكستانيين أن ينظروا بتمعن إلى المجالات التجارية والاستثمارية في المملكة العربية السعودية، حيث تتوافر فرص عدة. كما أصبح من الضروري إيجاد أقسام تجارية بالبعثات الديبلوماسية".