يبدو أن مسألة إقالة المدربين وابعادهم نهائياً، باتت تشكل ظاهرة حقيقية تعاني منها أكثر الأندية السعودية، التي تعودت على الإطاحة برأس المدربين خلال استحقاقات ومسابقات الموسم الكروي المختلفة، سواء المشاركات الداخلية أو الخارجية، التي تحمل فيها لواء التمثيل المشرف للكرة السعودية والمنافسة على تحقيق الألقاب، وحصد الإنجازات في جميع البطولات على حد سواء. فالمتابع لواقع الفرق السعودية يجد أنها تتكبد سنوياً خسائر مالية فادحة جراء إلغاء عقود الأجهزة التدريبية، والهدف من ذلك بالتأكيد هو محاولة إصلاح الخلل ومعالجة الأخطاء، وتعديل المسار وامتصاص الغضب الجماهيري عند التعرض إلى خسارة عابرة أو الخروج من بطولة معينة من دون ان يكون للهدوء والتروي والعقلانية والحكمة والدراية التامة من قبل مسيري الأندية أي وجود أو حاجة، إذ أصبح الأمر يمثل عادة سائدة بين الأندية السعودية. وحفل الموسم الكروي الجاري بإقالات واقصاءات عدة لمدارس تدريبية مختلفة، ولم يستمر من المدربين إلا قلة لا تمثل إلا نسبة قليلة في قائمة المدربين في الفرق المحلية، وتضررت غالبية الفرق مادياً من إبعاد المدربين واضطرت بعضها إلى الموافقة على انتقال لاعبيها للاستفادة من المقابل المادي في التعاقد مع مدربين آخرين، مثل فريقي الاتفاق والأنصار، وكانت أشهر الإقالات في الفرق السعودية من نادي الاتحاد الذي ألغى عقد مدربه الروماني الشهير انجيل يوردانيسكو، على رغم من تحقيقه بطولتين مهمتين مع الفريق، الأولى منها بطولة كأس دوري أبطال العرب، والثانية بطولة كأس دوري أبطال آسيا، التي أهلت الاتحاد مباشرة إلى المشاركة في بطولة أندية العالم، وتقديمه مستويات أدائية كبيرة، نالت اعجاب النقاد والرياضيين، وحصوله على المركز الرابع بين أندية العالم، من بين ستة فرق شاركت في البطولة، ولم يشفع للروماني يوردانيسكو وجوده في المركز العاشر في قائمة أفضل المدربين على مستوى العالم، إذ ألغت إدارة الاتحاد عقده التدريبي وتعاقدت مع الفرنسي ميتسو رغبة في تصحيح الأوضاع وانتشال الفريق من كبواته المتلاحقة في مسابقة دوري كأس خادم الحرمين الشريفين. وكانت ثاني الاقالات المفاجئة تلك التي اتخذتها إدارة نادي الشباب بإقصاء المدرب الأرجنتيني دانيال روميو من تدريب الفريق، في وقت كان فيه الشباب يتصدر ترتيب الفرق السعودية في دوري كأس خادم الحرمين الشريفين، وذلك بحجة تراجع أداء الفريق وعدم تأهله إلى نهائي مسابقة كأس ولي العهد الأمين، وبعد فترة انتظار اسندت الإدارة الشبابية المهمة إلى المدرب التونسي أحمد العجلاني الذي كان يتولى قبل ذلك تدريب فريق الحزم. وعمت موجة الإقالات أكثر الأندية السعودية، إذ أبعد نادي النصر مدربه البرتغالي ماريانو، ثم أسند المهمة إلى الوطني خالد القروني، ثم اتبعه بالوطني أيضاً يوسف خميس، قبل ان يتعاقد مسيرو النادي مع البرتغالي جورج آرثر لتسلم همة دفة الأمور الفنية في الفريق، والأهلي كذلك ألغى عقد مدربه البلجيكي إيليا واستعان باليوغسلافي نيبوشا، والاتفاق أقصى الهولندي فيرسلاين وأخلفه بالبرازيلي باتريسيو، والقادسية أقال البرازيلي كاليفارو وأحل المغربي ابن ناصري بديلاً عنه، والأنصار أبعد المصري شوقي عبدالشافي وجلب البرازيلي كارلوس، وأبها لم يستمر معه مدربه التونسي يوسف السرياطي، الذي ترك الفريق وهرب إلى بلاده، ليتولى المهمة من بعده البرازيلي كليبر، وينتظر ان يستمر إقصاء المدربين في الأيام المقبلة، وان كانت الترشيحات تحوم حول مدرب الهلال البرازيلي كاندينيو بأن يكون الضحية الجديدة في قائمة المدربين المغادرين إلى بلدانهم بتأشيرة خروج نهائي، عقب فشله حتى الآن في إعادة ترتيب أوراق الفريق وتقديمه لمستوياته الفنية الكبيرة المعروفة عنه. وفي المقابل نجح بعض المدربين الأجانب في إثبات وجودهم وتأكيد امتلاكهم لإمكانات تدريبية عالية من واقع نتائجهم الإيجابية مع فرقهم، وتمكنوا من الاستمرار حتى نهاية الموسم، ونجوا من مصيدة المدربين التي نصبتها الفرق السعودية لمدربيها في الأسابيع الفائتة، وفي مقدمهم المدرب التونسي أحمد العجلاني، الذي نجح مع فريق الحزم نجاحاً باهراً، واستطاع ان يقوده إلى المنافسة على دخول"المربع الذهبي"في أول موسم يصعد فيه إلى دوري الكبار، ويليه ابن جلدته لطفي البنزرتي، الذي قدم مع الفريق الوحداوي مستويات راقية وحقق نتائج رائعة، وقاد الفرسان إلى الدور نصف النهائي من مسابقة كأس ولي العهد الأمين، وثالث القائمة الناجية التونسي الآخر عمار السويح الذي استمر في قيادة فريق الطائي في ظل نتائج متفاوتة، ونجا الثلاثي التونسي من قرارات الإبعاد التي سطرتها بقية الفرق السعودية.