بعد استقالة الأديب حجاب الحازمي، إلى من تتجه الأنظار؟ أي الأسماء سيقود النادي إلى مرحلة ثقافية جديدة؟ من المعروف أن نادي جازان من أندية قليلة كان إسهامها واضحاً في تبني تيار الحداثة والتجديد في أواسط الثمانينات الميلادية من القرن الماضي. وكما توضح شهادات بعض أدباء جازان، فإن النادي هيمن عليه الصوت الواحد منذ بضع سنوات، ولم يستطع أن يكون وفياً لدوره التنويري، فهل يمكن استعادة هذا الدور مرة أخرى، كما يطالب بذلك هؤلاء الأدباء؟ هنا شهادات لعدد من أدباء جازان. أحمد القاضي: زمن اللون الواحد ولى دون رجعة بعد استقالة الأديب حجاب الحازمي الذي خدم المنطقة أدبياً لأكثر من عشر سنوات أو تزيد، وبعد أن كان عضواً فاعلاً في مجلس إدارة النادي لأكثر من ذلك، ليس لنا أمامه إلا أن نرفع القبعة احتراماً على ما قدمه، وإن كانت هناك اختلافات في الرؤى فلأننا مجتمع حيّ يقدر هذه الاختلافات، ولا يعيش إلا بها. لقد ولى ذلك الزمن صاحب اللون الواحد والفكر الواحد والأسلوب الواحد في الحياة، ونحن اليوم في مرحلة تحتم علينا جميعاً مثقفين كباراً وأدباء ناشئين أن نتعاون من أجل الكلمة الصادقة، وخدمة المبدع والإبداع أينما وجد أو حل. وقد تكون هناك آليات مختلفة لتحديد المرشح المقبل من رئيس وأعضاء مجلس إدارة، وفق الآليات المتعارف عليها في أي مؤسسة أدبية، وذلك من طريق الانتخاب أو الترشيح أو الاقتراع السرّي، ومن يجمع عليه مثقفو المنطقة فسيكون بالتأكيد أهلاً لهذا المنصب، وأرى من جيل الأدباء الكبار في المنطقة من يستحق أن يرشح، ولبقية المثقفين الحق في اختياره أم لا، ومنهم الأديب عمر طاهر زيلع، والشاعر محمد حبيبي، والقاص حسن بن حجاب الحازمي، نجل الرئيس المستقيل، على اعتبار أنه من الكوادر الشبابية الفاعلة في المنطقة حتى على المستوى الإعلامي. حسن الصلهبي: تلافي تراجع مسيرة النادي أرى بالنسبة إلى الرئاسة ترشيح أحد الاسمين التاليين لرئاسة النادي الأدبي في جازان وهما: الأديب عمر طاهر زيلع، والشاعر إبراهيم مفتاح. وإضافة إلى الأسماء الموجودة حالياً في مجلس الإدارة، هناك مجموعة من الشباب الجادين الذين يستطيعون أن يقودوا دفة النادي بكل جدارة، وهم معروفون في الساحة ولهم إبداعهم ونشاطاتهم المعروفة، والوزارة تعرف المستحقين منهم في اعتقادي. أما ما يتعلق بمسيرة النادي فقد كان في فترات سابقة تبنى تيار الحداثة، ونظم فعاليات عدة تندرج تحت هذا الإطار، وأصدر كذلك بعض المطبوعات للشباب الجدد، ولكن في فترات لاحقة تغيرت وجهته إلى نوع من الكلاسيكية وطغى على مسيرته تيار واحد مسيطر هو التيار التقليدي، وهذا يعتبر بالنسبة إلي تراجعاً، فالمفترض أن النادي يسير إلى الأفضل. علي زعلة: الفكر الجديد أهم من الأسماء الجديدة لا أرشح بديلاً لرئاسة النادي شخصاً بعينه، لكن بعيداً من الأسماء أرى أن الأفضل أن يأتي فكر جديد، فذلك أهم بكثير من أن تأتي أسماء جديدة، وذلك بأن تأتي رؤية جديدة للعمل الثقافي بعيداً من الوصاية والنظرية الأبوية، وأن يكون ذلك تجاه تفعيل النشاط الثقافي في شكل أفضل حتى تكون كل مدينة من مدن المملكة عاصمة ثقافية في حد ذاتها، فأنا لا أركز على الأسماء بقدر ما أركز على الرؤى والأفكار الجديدة، التي لا تصادر ولا تغيّب ولا تنحاز. أما توقعاتي فلن تكون للنادي الأدبي في جازان. إبراهيم زولي: هناك شبان قادرون على إدارة النادي وغيره في البداية لا أستطيع أن أرشح أحداً بعينه، لكن أتمنى أن يكون هناك جيل شاب جديد قادر على أن يدير النادي، والمنطقة تعجّ بالأسماء القوية الفاعلة، لأنه لا يفترض في المسألة كبر السن أو ألقاب الدكتوراه والأستاذية وغيرها، فهنالك أبناء للنادي أقوياء وشبان قادرون على إدارة النادي وغيره لو أتيحت لهم الفرصة. أما النادي فله تاريخ مشرق في مجال التجربة الجديدة في المملكة، ومن ذلك أنه من أوائل من طبع لعبده خال"حوار على بوابة الأرض"، وسعيد السريحي"الكتابة خارج الأقواس"، وعبدالله باخشوين"الحفلة". وهذه الأسماء وغيرها مثلت منعطفات خطيرة في مسار التجربة الجديدة في المملكة، واستطاعت أن تؤثر كثيراً في الجيل المقبل الذي جاء بعدهم، ورفدتهم رفداً لا بأس به، ودائماً أنا متفائل بالنادي، والمقبل مشرق إن شاء الله والتاريخ يسير إلى الأمام. محمد حبيبي: الحروب الباردة الفردية الأسماء ليست على قدر أهمية الفعل التطويري الجديد العادل والمحايد مع المختلف والحقيقي لا الشكلي، فهذا الفعل يقيناً هو من عليه أن يرشح ويختار. أشعر بحزن حقيقي ما نشاهده من هجوم حد التجريح الشخصي، بما يردده البعض بقسوة مفرطة في المصادرة، تجاه آباء وأدباء قد اجتهدوا وحقهم الشكر والتقدير والتكريم. ولأن سنة العقوق ستفضي في لاحق السنوات إلى عقوق ربما أقسى، فالجديد اليوم سيصبح قديماً غداً، وهكذا هي دواليب الحياة. ليس مهماً من سيحل جديداً بمقدار وعي الجدد والمتبقين بالغائية التي ألحت على التغيير، وأن عملية التغيير والفعل التطويري لن يكونا سهلين في الأفق القريب. ليس لديّ تحفظ إزاء اسم معين من مثقفي منطقة جازان، في مقابل تحفظاتي اللا نهائية على"الحروب الباردة الفردية والتكتلاتية"، في ميداني الصراع المزمنين حول النادي:"التيار الفني"و"القبلي الجغرافي"، ومن ثم تأويل الكلمات والتصرفات والأفعال ومحاسبة النوايا لحساب عسكرة المؤسسة - النادي. تهمني جداً العقليات، ومثاليات السلوك الثقافي المتحضر والراقي رقي الوعي الثقافي ذاته بما يحقق الهدف المنشود من التغيير. وسأفرح بمسن تسعيني شرط أن يكون في وعي عبدالله عبدالجبار، وسآسى كثيراً لاختيار شاب ثلاثيني معياريته المناسباتية، وكثرة صوره هنا وهناك من دون عميق وعي واشتغال ذاتي على تطوير تجربته، واكتفائه، على صعيد منجزه الشخصي، بحدود إجادة الوزن والنظم والحبكة، وسأحزن كثيراً لاختيار منظر مجالس يخذلك عند الحاجة إلى حراك وفعل حقيقي. سمير جابر: انحسار المدالحداثي في النادي مَن تتوقعون أن يحل، مَن ترشحون؟ لا خلاف على كون الأديب حجاب الحازمي، رئيس النادي الذي قدم استقالته، يتمتع بقلب كبير يحنو به على الجميع، وعندما قدم استقالته كان يرى بحكم تكوينه الأدبي والأخلاقي أنه لا بد من أن يترك الفرصة لغيره، بعد أن أعطى كل جهده وأدبه لنادي جازان، وأعتقد أنه لن يبخل بعطائه، سواء في الأدب أو في الاستشارة، وبالنسبة إلى الترشيح فلا أستطيع أن أرشح اسماً معيناً، هي جاءت مع موجة الاستقالات. وبالنسبة إلى الدور الريادي الحداثي للقيادة المزعومة للنادي الأدبي في جازان فهذه كانت قبل 13 سنة إذ كان رمزاً لا يستهان به في توزيع المدّ الحداثي، إلا أن هذا الدور بدأ في الانحسار، إلى أن وصل إلى اللحظة الحالية المخيفة، إذ إن تصنيف الأدباء والمفكرين يتم بحسب الانتماء الفكري، وبدأت مسيرة سيطرة البعد الواحد داخل أروقة النادي، بحسب الاتجاه الفكري لبعض أعضاء مجلس الإدارة، وما عداه لا يؤخذ به. علي مكي: التوجّه نحو المجتمع لفت نظري أثناء الزيارة الأخيرة لوزير الثقافة والإعلام ووكيل الوزارة للشؤون الثقافية لمنطقة جازان، واجتماعهما بالمثقفين والأدباء هناك لليلتيْن متتاليتين، لفت نظري أن جُلَّ حديث المضيفين كان يتعلق، مع الأسف، بما مضى لا بما سيأتي، ما جعل اللقاء يأخذ سمت تصفية حسابات شخصية قديمة بين أشخاص لا أفكار تيارين متباينين! وكنت أتمنى أن تُستغل فرصة نادرة كهذه وهي وجود المسؤول الثقافيّ الأول في البلد بيننا بالحديث حول الغد، بخاصة أنه سبق هذا اللقاء استقالة رئيس نادي جازان وتمَّ قبولها، أيْ أنَّ الأمس انتهى بإيجابياته وسلبياته. المهم أنَّ الوزارة جادة في التغيير كما يوضح لنا التشكيل الأخير لمجلس إدارة نادي الرياض، وعلى المثقفين والأدباء في جازان نسيان الماضي وترك"دندنة"اتهام الآخرين بالإقصاء والتهميش، أو كما يقولون حتى لا يكرروه هم في صورة أخرى في الاتجاه المقابل، كما أن عليهم الاشتغال بروح الإضافة لما سبق ومراكمته لا إلغاءه ومحوه، والعمل بدءاً من الآن على الاجتماع بكل أطيافهم وتصنيفاتهم التي يطربون لها للنقاش والوصول إلى صيغة مشتركة لمستقبل النادي بما يعكس تنوّع المنطقة وغناها وتعددها ثقافياً. إنَّ الأندية الأدبية، كما أراها، يجب ألاَّ تنحصر مهمتها في تغليب هذا الاتجاه على ذاك، أو دعوة شاعر أو قاص كونه حداثياً أو أديباً إسلامياً محافظاً، أو طباعة عمل إبداعي خارج عن المألوف لمجرد أنه كذلك، فالأندية الأدبية، كمؤسسات ثقافية، يُفترض أنَّ لها دوراً أعمق وأهمّ من ذلك بكثير عبر الاستفادة الحقيقية من منابرها ومطابعها بالتوجه نحو المجتمع وبث الثقافة الوطنية وخلق وعي جديد يمكن هذا المجتمع من مواجهة تحديات عالم يتغيّر ويتحّول ويتبدّل باستمرار.