دمشق، واشنطن، استوكهولم، لندن - «الحياة»، أ ف ب، رويترز - أظهرت أجواء تشييع المعارض السوري الكردي مشعل تمو أمس، غضباً عارماً في صفوف الأكراد بسبب اغتياله، يرجح أن يدفعهم إلى الانخراط بصورة أكبر في الانتفاضة الشعبية ضد نظام الرئيس بشار الأسد، لا سيما بعد مقتل أربعة مشيعين برصاص الأمن. وأثار مقتل تمو، عضو «المجلس الوطني السوري» الذي شكله معارضون الأسبوع الماضي، ردود فعل دولية شديدة اللهجة، فدعت واشنطن الأسد إلى «التنحي فوراً»، محذرة من قيادة البلاد إلى «منحدر شديد الخطورة»، في إشارة إلى المخاوف من اندلاع حرب أهلية. ودان الاتحاد الأوروبي الاغتيال، معتبراً أنه «يُعزز المخاوف إزاء الأوضاع في سورية». واقتحم سوريون سفارتي بلدهم في فيينا ولندن. وردد عشرات الآلاف خلال تشييع تمو في القامشلي أمس هتافات ضد النظام، بينها: «الشعب يريد إعدام الرئيس». وحطم مشيعون تمثالاً للرئيس الراحل حافظ الأسد في عامودا التي مرت فيها الجنازة، ورفعوا نعش المعارض المغدور على قاعدته. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن قوات الأمن أطلقت النار على الجنازة التي شارك فيها أكثر من 50 ألف شخص، ما أسفر عن سقوط أربعة قتلى على الأقل. ولف جثمان تمو بالعلم الكردي والورود. ورفع المشيعون علمين كردياً وسورياً كبيرين. وقال ناشط كردي بارز إن مقتل تمو قد يشجع الأكراد على حمل السلاح، ما يدفع البلاد أكثر نحو حرب أهلية. وقال: «هذا هجوم إرهابي، اغتيال إرهابي. ربما يشعر الأكراد أنهم يريدون الثأر. نحن غاضبون جداً». وكان المعارض الذي يحظى باحترام واسع اغتيل أمام منزل صديق له في القامشلي برصاص مسلحين أصابوا أيضاً ابنه مارسيل بجروح خطيرة. وسبق أن اعتقل تمو في عام 2008 وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات ونصف السنة بتهمة «إثارة الفتنة لإثارة الحرب الأهلية»، إلا أنه أفرج عنه في حزيران (يونيو) الماضي. ورفض بعد خروجه من السجن عرضاً بالحوار مع النظام ووقف إلى جانب المحتجين ضد الأسد. وفي حين اتهمت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» «مجموعة إرهابية مسلحة» ب «اغتيال المعارض الوطني مشعل تمو»، بهدف «ضرب اللحمة الوطنية والسلم الأهلي»، أكد المرصد أن «تمو كان في زيارة لمنزل صديقه في شارع الكورنيش في القامشلي عندما وصل مسلحون على متن سيارة أمام المنزل ونادوه فخرج وأردوه أمام المنزل، كما أصابوا ابنه مارسيل بجروح خطيرة نقل على إثرها إلى المستشفى حيث حالته حرجة». وفي واشنطن، ندّد الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني في بيان ب «اغتيال تمو... والاعتداء الوحشي على القيادي في المعارضة رياض سيف». ورأى أن الاعتداءات «تظهر أن وعود الأسد للحوار والإصلاح فارغة... وعلى الرئيس الأسد التنحي الآن قبل أن يجر بلاده أكثر نحو هذا المسار الشديد الخطورة». واستنكرت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون في بيان الاغتيال الذي «يعقب سلسلة اغتيالات واضحة الأهداف جرت في الأيام الماضية وهي غير مقبولة على الإطلاق». ودانت «الأعمال التي تؤجج النزاعات العرقية والطائفية»، داعية إلى محاسبة «جميع المسؤولين والمتورطين في هذه الجرائم». وفي وقت أعلنت موسكو أن معارضين سوريين سيزورونها الأسبوع المقبل، التقى في استوكهولم أمس 90 معارضاً سورياً، بينهم خصوصاً أعضاء في «المجلس الوطني السوري» ورئيسه برهان غليون للبحث في استراتيجيات إسقاط النظام. وقال الأمين العام ل «مركز أولوف بالم الدولي» الذي يستضيف المؤتمر ينس أوربك إن «أعضاء المعارضة اتصلوا بنا طالبين المساعدة في التحضير لاجتماع مع فصائل المعارضة المختلفة... إنهم يبحثون وسائل الاتفاق على قضايا بعينها حتى يتسنى لهم التقدم في نضالهم». ومن المتوقع أن يعلن المشاركون نتائج اجتماعاتهم خلال مؤتمر صحافي غداً. إلى ذلك، أكد رئيس الوزراء الأردني معروف البخيت أمس، خلال استقباله رئيس وفد مجلس العلاقات الأوروبية - الفلسطينية في البرلمان الأوروبي اللورد هيغ ديكس، ضرورة إجراء إصلاحات «حقيقية وفورية» في سورية «بما يخفف من مبررات الاحتجاج ويقلل من العنف ويخدم مصلحة الشعب السوري».