يرتعش القلم في يدي.. وتتراقص الكلمات في فمي.. وتختلج العبرات في صدري إنه يوم أغر.. أنه يوم عظيم وبشرى يزفها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود من تحت قبة مجلس الشورى عندما أصدر قرارين تاريخيين تتعلقان بحقوق المرأة السياسية لتكون عضواً في مجلس الشورى وعضواً في مجالس البلدية تشارك وتنتخب في موقف لن ينساه له التاريخ فعلاً صوت العقل وانتصرت الحضارة وارتفعت رايات النور والتنوير. أن يوم الأحد ال27 من شوال لعام 1432ه حدث غير مسبوق تتوج به المرأة السعودية لتحقق ذاتها وتخرج من محبسها الذي فرضه عليها العقل الذكوري بسوداويته البائدة وعاداته المظلمة وتقاليده التابوتية. فلا أحد يستطيع أن ينكر أن المرأة السعودية قد عاشت خلال السنوات الماضية مهمشة مغيبة محرومة من كثير من حقوقها فقد حوصرت المرأة بالبعد الجنسي وغيب دورها الإنساني والاجتماعي فكثير من القيود فرضت عليها فمّرةً بحجة الخوف عليها مما قد يحدث وقد لا يحدث وقد لا يكون موجوداً أصلاً فنحن نخاف عليها أن تقود سيارتها ونخاف أن تسافر بمفردها وحتى العمل نخاف عليها منه ونطلب منها ولي الأمر لكل أمر فيا سبحان الله. ومرة أخرى بحجة الدين فالمرأة تعاني وتتألم وتصرخ وتناشد وإخواننا المتشددون لا يملون من تكرار أن المرأة درة مكنونة وجوهرة مصونة والكارثة أنهم لا يقدمون بديلاً إن كان هناك ثمة بديل فقط مجرد مزايدة وتدليس على البسطاء وإثارة غرائز التعصب لدى صبية التشدد. فإذا سألت أو جادلت عن حقوق المرأة أحالوك إلى المرأة في الجاهلية فأضر كف بكف فمالنا نحن ومال المرأة في الجاهلية وما أشد حاجتنا إلى مقارنة وضع المرأة بوضعها في إطار القيم الحضارية. فالعام ينظر للمرأة على أنها إنسان على قدم المساواة مع الرجل لأنها الأم والأخت والزوجة والابنة والبعض منا ينظر إليها أنها متاع ومتعة بل وأكثر من ذلك لا يرى أن هذه المتعة تستحق نفقة. لقد ظلّ الكتاب والمثقفون يناضلون منذ سنوات لتنال المرأة حقوقها وكان أعداء المرأة والحرية يضعون العجلة أمام الحصان ويتهمون من يطالب بحقوق المرأة التي كلفتها جميع القوانين والشريعة السمحة وحقوق الإنسان من الكتاب بالعمالة والعداء والإسلام وكأن هؤلاء المتاجرين بالدين هم وجه الإسلام الصحيح وكأن ما كانوا يفعلون هو التعبير المشرق عن قيم الإسلام الرفيعة. فكثيراً ما تأخذنا الدهشة والعجب من المزايدين المطالبين بالإصلاحات السياسية وصمتهم من حقوق المرأة ومعاناتها وهضم حقوقها على رغم أنها نصف المجتمع ولا يمكن أن تقوم تنمية أو إصلاح ونصف المجتمع مغيب ومهدرته حقوقه فما بالهم يلوذون بالصمت حيال ذلك وبما هو أكثر من الصمت وأقصد التأييد والتمجيد مما يدل دلالة واضحة على أن الهدف ليس الإصلاح وإنما المزايدة السياسية وإثارة الفتن وتمزيق وحدة الوطن وأن حديثهم حديث له خبئ وقصد وراءه طمع.والذي يجب أن يعلمه هؤلاء المزايدون أن أولادهم وأحفادهم سيحصدون نتائج مزايداتهم السياسية عيشاً وغداً في مقابل عيشهم الرغد وسماً ناقعاً في مقابل طعامهم المريء. فالإصلاحات السياسية تأتي بتدرج فالملك عبد الله بثاقب فكره وبعد نظره يدرك أهمية الإصلاح ولذلك بادر بعملية الإصلاح وما يزال يصدر القرارات تلو القرارات فما إصلاح القضاء ودعم الإسكان ودعم التعليم وإصدار البعثات بمئات الآلاف والمشاركة البلدية إلا شاهد ودليل ودرة هذه الإصلاحات إنصاف المرأة وإحساسه بأنينها ومعاناتها فالحمد لله الذي أحيانا لهذا اليوم حتى أرى العوائق تزال والحواجز تتحطم في موقف سيخلده التاريخ فيا لها من إنسانية صادقة ورحمة دافقة ففي أي مكان غير السعودية يبادر الهرم السياسي بالإصلاح ويدفع إليه وأي كلمات تقدر على وصف ذلك الملك العظيم وأي أوسمة تليق بصدر الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود. [email protected]