اتسعت أمس المواجهات في اليمن بين قوات الجيش والشرطة وبين عشرات الآلاف من المتظاهرين المحتجين على زيادة أسعار المحروقات، فشملت ست محافظات أخرى، فيما بلغت حصيلة الضحايا خلال يومين 42 قتيلاً على الأقل، بينهم 12 رجل أمن، بالإضافة الى عشرات الجرحى والخسائر المادية الفادحة. ولم يظهر أي مؤشر الى نية السلطات التراجع عن قراراتها، رغم دعوات المعارضة. ويواجه الوضع اختباراً اليوم، مع توجيه وزارة الأوقاف والارشاد تعميماً الى خطباء المساجد، يحضهم على عدم تحريض المصلين في خطبهم وعدم انتقاد القرارات الحكومية. راجع ص9 وفي الرياض أجرى ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني الأمير عبدالله بن عبدالعزيز اتصالاً هاتفياً بالرئيس اليمني علي عبدالله صالح بحثا خلاله العلاقات الأخوية بين البلدين وتطرق الاتصال إلى تطورات الأوضاع إقليمياً ودولياً. وكان الأمير عبدالله بعث برسالة إلى الرئيس اليمني نقلها له أول من أمس الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز. وانضمت ست محافظات يمنية هي الحديدة ومأرب وصعدة وتعز وإب وأبين، الى حملة الاحتجاجات التي تجددت في محافظة الضالع وفي العاصمة صنعاء، وهدأت في محافظتي ذمار وعمران. ورغم الانتشار الكثيف لقوات الأمن والجيش، تدعمها مدرعات ودبابات حول المنشآت الحكومية والسفارات الأجنبية والأسواق في صنعاء، شهدت العاصمة صدامات في الحي الجنوبي، أسفرت عن سقوط قتيلين من رجال الأمن. ودار أعنف المواجهات لدى محاولة متظاهرين اقتحام مباني وزارة النفط والمصارف والدوائر الحكومية، ومقرات حزب"المؤتمر الشعبي العام"الحاكم، خصوصاً في مدينة لودر بمحافظة أبين، حيث أحرق مقر المؤتمر بعد اقتحامه. وفيما امتنعت السلطات اليمنية عن اتهام أحزاب المعارضة بالتورط بالشغب، دانت أحزاب"اللقاء المشترك"أعمال التخريب والتظاهرات غير السلمية، وكذلك"القمع الدموي"للمتظاهرين من قبل قوات الأمن، داعية الحكومة الى التراجع عن زيادة أسعار المشتقات النفطية بنسب تراوح بين 100 و165 في المئة. ولم تقدم وزارة الداخلية أي أرقام عن حصيلة المواجهات، لكن مصادر متطابقة قالت ل"الحياة"إن عدد الضحايا أول من أمس بلغ 25 قتيلاً، بينهم 8 من رجال الأمن وعشرات الجرحى من الجانبين، في حين بلغت الحصيلة أمس 17 قتيلاً بينهم 4 من رجال الأمن وحوالي 60 جريحاً. وعلمت"الحياة"من مصادر متطابقة ان وزارة الأوقاف والارشاد أصدرت تعميماً لخطباء المساجد، يحضهم على عدم اثارة المصلين في خطب الجمعة، وعدم انتقاد الحكومة على خلفية قراراتها، وينذر المخالفين بمحاسبة شديدة. وأكدت المصادر اتصالات بين الحزب الحاكم و"التجمع اليمني للاصلاح"بهدف دعوة خطباء التجمع الى التزام تعليمات الوزارة. ورغم مضي 48 ساعة على الاحتجاجات العنيفة، أكدت الحكومة انها لن تتراجع عن الاجراءات التي وصفها وكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي الدكتور محمد الصبري بأنها"ضرورية توفر نحو 700 مليون دولار سنوياً من الدعم للموازنة العامة، وتخفض العجز العام"في هذه الموازنة. وأضاف في تصريح الى"الحياة"أن الحكومة لم ترفع الدعم عن المشتقات النفطية بصورة كاملة، وان استمرار ارتفاع الأسعار العالمية سيكلف الموازنة نحو بليون دولار العام المقبل. ونقلت"وكالة الأنباء اليمنية"الرسمية عن مصدر في"تجمع الاصلاح"ادانته اعمال الشغب والتخريب، لكن رئيس الدائرة السياسية في التجمع محمد قحطان أكد ل"الحياة"أن حزبه يدين"أعمال العنف من جانب المتظاهرين وقوات الأمن على السواء"، ويحمّل الحكومة المسؤولية كاملة عن الأحداث التي وصفها بأنها"ثورة الجياع"، معتبراً انه"كان الأولى برجال الشرطة ان يقدموا للمتظاهرين الرز والبسكويت لإسكات جوعهم، بدلاً من قمعهم بالهراوات والرصاص". رئيس الدائرة السياسية في الحزب الاشتراكي عبدالغني عبدالقادر، طالب الحكومة ب"العدول عن قراراتها والانحياز الى معاناة الناس، بعدما اتسعت دائرة الفقر، وبرزت هوة كبيرة بين طبقتي المعدومين والمترفين، وغابت الطبقة الوسطى بسبب جرعات الحكومة وسياساتها الاقتصادية الفاشلة".