سقط 11 قتيلاً على الأقل وعشرات الجرحى واعتقل مئات من الاشخاص في مواجهات عنيفة بين آلاف من المتظاهرين وقوات الأمن والجيش في العاصمة اليمنية صنعاء وعدد من المدن الكبرى، بعدما أدى قرار الحكومة الغاء دعم اسعار المشتقات النفطية الى نزول المواطنين الى الشارع ومهاجمة المنشآت العامة والمؤسسات الخاصة راجع ص 4 و11. وشهدت محافظاتصنعاء والضالع وذمار وعمران أعمال شغب وتخريب، طاولت منازل المسؤولين الحكوميين وسياراتهم، واحرق المحتجون الاطارات في الشوارع وحطموا واجهات المحال التجارية، بعدما أدى القرار الحكومي الذي اتخذ في اطار برنامج الاصلاحات الاقتصادية الى زيادة سريعة في اسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، قاربت 75 في المئة خلال أقل من 24 ساعة. وذكرت مصادر أمنية ان ستة قتلوا في صنعاء فيما قتل ثلاثة آخرون في الضالع واثنان أمام مقر حزب"المؤتمر الشعبي العام"الحاكم في ذمار نحو 155 كلم جنوبصنعاء، حيث اصيب ايضاً سبعة من عناصر قوات الامن بجروح خطرة. وأفادت وكالة"رويترز"أن الصدامات مع المتظاهرين أوقعت 13 قتيلاً على الأقل، وأنها الأكثر دموية في اليمن منذ العام 1998 حين قتل 34 شخصاً في اسبوعين من التظاهرات والاشتباكات العنيفة بسبب زيادة الأسعار. وأشارت الوكالة الى أن آلافاً من المحتجين عطلوا محولات كهرباء في بعض المناطق. وفي صنعاء، تحدث شهود عن سقوط قتلى وجرحى قرب مبنى وزارة المال في وسط المدينة، التي شهدت شوارعها انتشاراً كثيفاً لقوات الجيش والشرطة، فيما يُسمع اطلاق نار من حين الى آخر. واوضح الشهود ان توتراً شديداً يسود في محيط منزل نائب رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي والذي حاول المتظاهرون اقتحامه، لكن حراسه"استخدموا الرشاشات والقنابل المسيلة للدموع في صدهم". ومنعت قوات أمن متظاهرين من الوصول الى دار الرئاسة. وكانت السلطات استبقت ردود الفعل على قرار الغاء دعم أسعار المشتقات النفطية باعلان حال التأهب القصوى في صفوف قوات الامن والجيش، ونشرت حوالي 100 الف رجل منذ ساعات اليوم الاولى في المواقع الحساسة في العاصمة، وحول السفارات والمصالح الاجنبية. لكن ذلك لم يحل دون المواجهات التي استمرت نحو ست ساعات، وساهم المطر الغزير الذي هطل في صنعاء في وقفها. وتعرض مبنى"اللجنة الدائمة"ل"المؤتمر الشعبي العام"الحاكم في صنعاء الى اطلاق نار من مجهولين. واكدت الحكومة اليمنية التي ارفقت رفع الدعم عن اسعار الوقود بخفض الرسوم الجمركية وزيادة الأجور والرواتب، بالاضافة الى وعود بترشيد النفقات الحكومية، أنها لن تتراجع عن قراراتها لأنها لم تعد تملك الغطاء لدعم المشتقات النفطية سوى على حساب برامج التنمية ولمصلحة"طابور من الفاسدين والمفسدين والمستفيدين من تهريب الوقود والبنزين"الذي كان يباع بأسعار متدنية جداً. ورفض رئيس الوزراء عبدالقادر باجمال الذي تعرض منزله لهجوم المتظاهرين، توجيه اي اتهام الى أحزاب المعارضة بلعب دور في التحريض على التظاهر، وقال ان مجموعات من"الغوغاء والمخربين والدخلاء على شعبنا الطيب"حاولت"استغلال هذا الظرف لارتكاب اعمال تخريب، ستكشفها التحقيقات". ورحبت احزاب المعارضة بتصريحات باجمال، لكنها رفضت تبريرات الحكومة لرفع الدعم عن المشتقات النفطية، ولجرعات الاصلاح الاقتصادي. وأصدر"الحزب الاشتراكي"المعارض بياناً أكد رفضه للسياسات الاقتصادية للحكومة وحمّلها كامل المسؤولية عن كل العواقب. ودان رئيس الدائرة السياسية في"التنظيم الوحدوي الناصري"محمد الصبري في تصريح الى"الحياة"كل اعمال الشغب، وقال"لو كنا في المعارضة على علاقة بهذه الاحتجاجات لما تحولت الى اعتداءات وتخريب للمنشآت التي هي ملك للشعب". وزاد ان"اللقاء المشترك"الذي ينتمي اليه حزبه عبر عن معارضته القرار الحكومي لدى مناقشته في مجلس النواب، واقترح حلولاً بديلة لم تأخذ بها الحكومة. وكان رئيس الوزراء تعهد استمرار الحكومة في الاصلاحات الشاملة وضبط الاسعار، ومحاسبة المخالفين وتوظيف عوائد الاصلاح في التنمية وتشجيع الدعم الدولي له، وتثبيت سعر صرف العملة اليمنية في السوق الموازية وترشيد الانفاق العام. وقال للتلفزيون اليمني ان لهذه القرارات"أهمية قصوى للاقتصاد الوطني وللمواطنين"بعدما بلغت اوضاع الموازنة العامة"أزمة خانقة لا يمكن السكوت عنها"، وقارب حجم الدعم للمشتقات النفطية خلال الشهور الستة الماضية حجم الدعم خلال العام الماضي كله.