ارتفعت حصيلة المواجهات في اليمن التي دخلت امس يومها الثاني بين المحتجين على قرار الحكومة رفع أسعار المشتقات النفطية ورجال الأمن والشرطة الى 42 قتيلاً بينهم 12 من رجال الامن وعشرات الجرحى في عدد من المدن اليمنية بينها العاصمة صنعاء، وامتدت امس الى مناطق جديدة على رغم الترتيبات الأمنية والعسكرية والانتشار الأمني الكثيف في الشوارع والأحياء الرئيسية وحول المباني الحكومية والبنوك والسفارات والأسواق التجارية والشعبية. وقتل اربعة رجال أمن احدهم يتبع جهاز الأمن السياسي الاستخبارات وآخر من جنود الأمن المركزي في مواجهات مع حشود المتظاهرين في شارعي تعز وبينونة في الحي الجنوبي للعاصمة صنعاء، فيما جرح عدد من المتظاهرين. وفي محافظة صعدة شمال شرقي البلاد قتل ما لا يقل عن 3 أشخاص وجرح 8 آخرون بينهم عناصر من الشرطة، أثناء محاولة قام بها بضعة آلاف من المتظاهرين المسلحين لاقتحام مبنى فرع وزارة النفط ومبنى البنك اليمني للانشاء والتعمير ومقر فرع الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام، واشتبكت قوات الأمن المدعومة بوحدات من الجيش مع المتظاهرين ومنعتهم من الدخول الى وسط المدينة وألقت القبض على العشرات. وفي مدينة الضالع، عاصمة المحافظة شمال عدن، قتل 5 أشخاص وجرح 10 آخرون من المتظاهرين ورجال الأمن في مواجهات أمس، فيما جرح 15 في مواجهات مماثلة شهدتها مدينة إب عاصمة المحافظة جنوبصنعاء وقُتل 3 أشخاص وجُرح 7 آخرون في مواجهات مع رجال الأمن في محافظة الحديدة الساحلية غرب صنعاء، فيما تصدت قوات الأمن والجيش لمتظاهرين في منطقة دمنة خدير بمحافظة تعز جنوبصنعاء واشتبكت معهم بعد محاولتهم اقتحام نقاط تفتيش أمنية متجهين نحو مدينة تعز عاصمة المحافظة، وقتل في هذه المواجهات 3 أشخاص بينهم طفل وجرح شخص واحد على الأقل. وفي محافظة مأرب شمال شرقي صنعاء صدت قوات مشتركة من الأمن والجيش بضعة آلاف من المتظاهرين بينهم مسلحون، حاولوا قطع الطريق الرئيسي بين مأرب والعاصمة صنعاء والاعتداء على صهاريج لنقل المشتقات النفطية والغاز واقتحام مقر فرع الحزب الحاكم بالمحافظة ومنشآت نفطية فيها. وقتل في المواجهات شخصان على الأقل وجرح آخرون. وفي منطقة لودر في محافظة أبين شمال عدن هاجم متظاهرون بعض المنشآت الحكومية واقتحموا مقر حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم وأحرقوه وأشعلوا حريقاً آخر في مبنى السجل المدني، ولم تؤكد المعلومات حدوث اصابات. وفيما تمكنت قوات الأمن ووحدات من الجيش تدعمها بعض الآليات المصفحة والمدرعات وقوات لمكافحة الشغب، من السيطرة على التظاهرات وأعمال الشغب التي اندلعت بعد إعلان الحكومة رفع أسعار المشتقات النفطية، أكدت ل"الحياة"مصادر حكومية رسمية أنها لن تتراجع عن قراراتها مهما بلغت حدة المواجهات مع المحتجين. ودافع الدكتور محمد الصبري، وكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي، عن قرارات الحكومة لجهة الجرعة الجديدة من الاصلاحات الاقتصادية والسعرية، وقال ل"الحياة"إن الحكومة اتخذت القرارات الصائبة، وانها كانت عند مستوى المسؤولية الوطنية والدستورية لمنع تدهور الاقتصاد الوطني والحد من ارتفاع نسبة العجز في الموازنة العامة للدولة. وأضاف أنه على رغم هذه الحزمة من الاصلاحات السعرية المتعلقة برفع أسعار المشتقات النفطية، إلا أن المتوقع في حال بقاء الأسعار العالمية للنفط على هذا المنوال في الوقت الراهن، وإذا استمر الاستهلاك المحلي على ما هو عليه الآن، فإن الحكومة ستتحمل نحو بليون دولار لدعم المشتقات النفطية حتى عام 2006 على حساب برامج التنمية وبالتالي سيرتفع عجز الموازنة الى نسبة خطيرة جدا. واشار الى انه لا يزال هناك الكثير من الدعم للمشتقات النفطية باعتبار ان هذا الاجراء الحكومي جزئي وتدريجي، مؤكدا ان الاجراءات الاخيرة ستوفر للموازنة العامة 700 مليون دولار سنوياً. ولفت الى ان اليمن يستورد ما يزيد عن 60 في المئة من الاستهلاك المحلي لمادة الديزل و9 في المئة من البنزين. وصدر امس بيان عن احزاب المعارضة المنضوية في"اللقاء المشترك"دانت فيه اعمال الشغب والممارسات الخارجة على القانون في الاحتجاج على قرارات الحكومة، ودانت في المقابل الاجراءات القاسية الأمنية والعسكرية التي مارستها السلطات ضد المحتجين مؤكدة ان الحكومة تتحمل كامل المسؤولية نتيجة سياستها الاقتصادية الفاشلة. وقالت هذه الاحزاب في بيانها انها ترفض عسكرة الحياة السياسية ودعت الحكومة الى التراجع عن قراراتها. وفي تصريحات بثها موقع"الصحوة نت"امس دعا الشيخ حميد نجل الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر رئيس مجلس النواب وزعيم التجمع اليمني للاصلاح - الاسلامي المعارض - الحكومة اليمنية الى تعويض كل من تعرضت ممتلكاته للتخريب بسبب احداث الشغب متهماً الحكومة بالعجز عن تأمين مصالح الناس. ووصف حميد الاحمر وهو نائب عن كتلة الاصلاح ورجل اعمال يرأس"مجموعة الاحمر التجارية"قرار الحكومة بأنه خاطئ وقال انها اتخذته بشكل منفرد على رغم معرفتها المسبقة بحال المواطنين المعيشية رافضة كل الاصوات التي نصحتها بعدم اتخاذ هذه الخطوة. ورفضت وزارة الداخلية اليمنية الكشف عن عدد ضحايا المواجهات مع قوات الأمن يومي الاربعاء والخميس، واكتفى مصدر أمني مسؤول في الوزارة بالتلميح الى سقوط عدد من القتلى والجرحى في بيان صحافي وزعته وكالة الانباء اليمنية سبأ ليل الاربعاء - الخميس وطالب المواطنين بالتزام الهدوء والحفاظ على السكينة العامة. وأكد البيان ان قوات الأمن ورجال الشرطة تصدوا بحزم لاعمال الشغب والتخريب في مدينة صنعاء وعدد من المحافظات واعرب عن تقديره للمواطنين في المدن والمحافظات التي لم تشهد احتجاجات غير ان هذا التقدير لم يدم طويلاً بعد انضمام محافظات تعز والحديدة ومأرب وصعده وأبين وأب، الى مسرح الاحداث وسقوط عدد من الجرحى والقتلى في المواجهات أمس. وكان الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام رفض توجيه الاتهامات الى أي من خصومه في المعارضة وقال ل"الحياة"قيادي بارز في المؤتمر"نحن لا نتهم أحداً ولا نريد توجيه الاتهامات جزافاً. هناك قانون وهناك قنوات رسمية وحكومية هي المسؤولة عن كشف حقائق الاحداث وعن كشف المشاركين فيها والمحرضين عليها وتقديمهم للعدالة". واضاف:"نحن في المؤتمر نعتقد ان الحكومة تقوم بما عليها من التزامات في اطار برنامج الاصلاحات الشاملة وهذه مسؤوليتها، وحزبنا يشدد على انصاره واعضائه وقياداته عدم الدخول في مواجهات أو مهاترات سواء كانت حزبية أو غير ذلك".