يتغافل الكثيرون من الكتّاب والباحثين والصحافيين العرب عن حقيقة واقعة وفاقعة، هي ان الحاكم العربي منذ خروج الاستعمار من الدول العربية في الاربعينات والخمسينات الحاكم الذي جاء بانقلاب عسكري ورفع شعارات ثورجية مطالباً بالوحدة وتحرير فلسطين ودحر الامبريالية والصهيونية والرجعية قد استخدم الشعارات القومية والعروبية للحفاظ على ديمومة مصالحه الانانية الضيقة. والأخيرة هي بالضد من مصالح الشعوب العربية في التحرر والنهضة والتنمية. هكذا كانت النتيجة الاساءة الى علاقات هذه الشعوب في ما بينها وسوء التفاهم الكبير الذي تحول الى توتر نفسي في تلك العلاقات. ولدينا في هذا المجال امثلة واقعية عدة، منها ارسال قوات مصرية الى اليمن في بداية الستينات إبان حكم جمال عبدالناصر، وقوات سورية الى لبنان عام 1976 في الحرب الاهلية اللبنانية، وقوات سورية ومصرية ومغربية الى الكويت في حرب الخليج الثانية في 1990. وحتى في ما يتعلق بالمسألة الكردية تم ارسال قوات سورية الى شمال العراق بقيادة المقدم فهد الشاعر لضرب الثورة بقيادة ملا مصطفى البارزاني عام 1963. كل هذا أثر في علاقات الشعوب العربية وشعوب المنطقة وما زالت آثارها سارية المفعول حتى لحظتنا الراهنة التي تعيش امتدادات وتفاعلات الثورات العربية التي قامت على الرفض القاطع للظلم والاستبداد والطغيان ودفاعاً عن كرامة الشعوب العربية. والمطلوب الآن من المثقف العربي أن يساهم، عبر وسائل الثقافة والإعلام المتاحة، في إزالة الالتباس التاريخي الحاصل بين الشعوب العربية التي كانت وما زالت تعيش لحظات تدفع فيها ضريبة حماقة وغباء الحكام العرب الذين ساهموا في نشر ثقافة الخوف والشك والريبة. هكذا يفترض بثورات الربيع العربي ان تسعى إلى ان تكون ثورات ثقافية شاملة، اضافة الى كونها ثورات اجتماعية واقتصادية ونفسية، تهز اركان الثقافة الاستبدادية السابقة وبنيانها وتجهز على آخر حصونها المنيعة. فنحن بحاجة الى ثقافة شاملة تنشر التسامح والمحبة والتعاون بين شعوب ساهم الحاكم المستبد في تجهيلها واللعب على عواطفها والاستهتار بعقولها ودفع مواطنيها إلى الهجرة والتشرد أو العيش في الفقر والقمع والفساد. * كاتب كردي سوري