ثمة معلومات وتصريحات كثيرة نقرأها في الصحافة الغربية ولا نجد صنواً لها في الإعلام التركي حول الأزمة السورية. فعلى سبيل المثل، يقع المرء على حديث مع أحد المسلحين من المعارضة السورية يقول إنه لولا تركيا لما نجحت هذه الثورة لأن السلاح الذي يبلغ المعارضة يأتي عبرها. فأنقرة تسهل مرور السلاح وتوزيعه. ونقرأ تصريحاً آخر لمن يسمي نفسه أبو عبدالله في صحيفة بريطانية محترمة يشير الى مخفر للجيش التركي على الحدود مع سورية قائلاً: هناك يُسلم السلاح. والمسؤولون الاتراك ينفون مثل هذه التصريحات. في الصحافة التركية، يغيب موضوع تسليح المعارضة السورية ولا تُنشر تحقيقات عن الموضوع سواء لدحض روايات الإعلام الغربي أو إبراز صحتها. وثمة تجاهل للأزمة في جارتنا الجنوبية، على رغم أن تركيا هي المعني الأبرز بما يحدث في سورية من عنف بدأ يصل الى الحدود التركية مع التفجير الاخير الذي استهدف المعبر الحدودي البري في جيلفه غوزو. هناك كثير من الاتهامات التي يتم نقلها أو توجيهها الى تركيا عبر الإعلام الغربي، ومنها استخدام الثوار العرب السوريين ضد الاكراد و"حزب العمال الكردستاني"في عين العرب، ونقل السلاح وتدريب المعارضة المسلحة على أرضها. يتابع الاتراك الشأن السوري من خلال بعض مقالات الرأي لمعلّقين ومحللين لا يعرف معظمهم اللغة العربية ولم يزر سورية يوماً، وتستند مقالاتهم الى تصريحات أو تسريبات الحكومة ووزارة الخارجية التركية. ولكن، ماذا وراء التخاذل في تناول خفايا الأزمة السورية؟ سألت مدير الأخبار الخارجية في صحيفة"حرييات"فقال لي: لا دليل على"ضغط"الحكومة على رؤساء التحرير. ولكن لا يخفى أن ثمة حرباً دائرة بين تركيا وسورية. ويخشى معظم الصحافيين نشر أي معلومة أو خبر قد يضر بمصلحة الحكومة التركية أو صورتها فيُتهم بالخيانة أو العمالة، أو بدعم ديكتاتور مثل الاسد. والأخطر والافظع أن يجد هذا الصحافي نفسه ? وهذا ما حصل أكثر من مرة عند تناول ملفات غير الملف السوري - في مواجهة مباشرة مع رئيس الوزراء، رجب طيب أردوغان، فينتقده في تصريحاته ويُنبذ. وأحوال الصحافة التركية سيئة. فدورها هو نقل الوقائع مهما كانت ولو لم تعجب الحكومة أو رئيس الوزراء! ولكن في بلد يقبع فيه 69 صحافياً في السجون ويُلاحق آخرون بتهمة الارهاب او دعم الانقلابيين، يبدو دور الصحافة عسيراً ومعقداً. وجهل الصحافيين الأتراك باللغات الأجنبية، خصوصاً العربية، يفاقم صعوبة عملهم في الأراضي السورية، في وقت يحجم كثر منهم عن الذهاب الى سورية بعد أن قتل جيشها عدداً من الصحافيين وأسر عدداً منهم. من المحزن أن يتهم أي صحافي في تركيا بأنه جاسوس الأسد لسعيه الى نقل صورة متوازنة عما يحدث في سورية. لذا، ينقل بعض الصحف التركية الأخبار السورية عن الإعلام الاجنبي ويترجم مقالاته وأخباره. فكلفة النقل عن الصحافة الاجنبية أقل من كلفة ارسال مراسل الى سورية. والترجمة عن صحيفة اجنبية تصبغ الخبر بنوع من الحصانة في وجه اي ضغط حكومي أو شعبي. * صحافية، عن"خبر ترك"التركية، 15/2/2013، اعداد يوسف الشريف